الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمذهب شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- أن الحلف بالطلاق، وتعليقه على شرط من غير قصد إيقاعه، وإنما بقصد التأكيد، أو المنع، أو الحث، لا يقع به الطلاق، وإنما تلزم الحالف كفارة يمين إذا حنث، وتفصيله في الحكم بناء على نية الرجل يشمل صيغة الحلف، وصيغة التعليق.
وهذه نصوصه:
قال –رحمه الله- : " ....والنوع الثالث " من الصيغ: أن يعلق الطلاق، أو العتاق، أو النذر بشرط ؛ فيقول: إن كان كذا، فعلي الطلاق، أو الحج، أو فعبيدي أحرار . ونحو ذلك : فهذا ينظر إلى مقصوده. فإن كان مقصوده أن يحلف بذلك، ليس غرضه وقوع هذه الأمور - كمن ليس غرضه وقوع الطلاق إذا وقع الشرط - فحكمه حكم الحالف ؛ وهو من " باب اليمين " مجموع الفتاوى.
وقال –رحمه الله-: فَإِنْ قَصَدَ لُزُومَ الْجَزَاءِ عِنْدَ الشَّرْطِ: لَزِمَهُ مُطْلَقًا؛ وَلَوْ كَانَ بِصِيغَةِ الْقَسَمِ. فَلَوْ كَانَ قَصْدُهُ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ إذَا فَعَلَتْ ذَلِكَ الْأَمْرَ، أَوْ إذَا فَعَلَ هُوَ ذَلِكَ الْأَمْرَ. فَقَالَ: الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَا تَفْعَلِينَ كَذَا. وَقَصْدُهُ أَنَّهَا تَفْعَلُهُ، فَتَطْلُقُ؛ لَيْسَ مَقْصُودُهُ أَنْ يَنْهَاهَا عَنْ الْفِعْلِ، وَلَا هُوَ كَارِهٌ لِطَلَاقِهَا؛ بَلْ هُوَ مُرِيدٌ لِطَلَاقِهَا: طَلُقَتْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَلَمْ يَكُنْ هَذَا فِي الْحَقِيقَةِ حَالِفًا؛ بَلْ هُوَ مُعَلِّقٌ لِلطَّلَاقِ عَلَى ذَلِكَ الْفِعْلِ بِصِيغَةِ الْقَسَمِ، وَمَعْنَى كَلَامِهِ مَعْنَى التَّعْلِيقِ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ الْإِيقَاعُ، فَيَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ هُنَا عِنْدَ الْحِنْثِ فِي اللَّفْظِ الَّذِي هُوَ بِصِيغَةِ الْقَسَمِ. وَمَقْصُودُهُ، مَقْصُودُ التَّعْلِيقِ. مجموع الفتاوى.
والله أعلم.