الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحياة الزوجية مشوار طويل تحتاج إلى كثير من التريث عند الاختيار طلبا لأسباب ديمومة الحياة الزوجية واستمرارها على أحسن حال، ونرجو مطالعة الفتوى رقم: 8757، ففيها بيان أسس اختيار شريك الحياة.
أما وقد حدث ما حدث بالنسبة لك، وتم الزواج، فعسى أن يكون في ذلك مصلحة لك من حيث لا تدري أو تحتسب، قال الله عز وجل: فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء:19}.
وروى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لاَ يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِي مِنْهَا آخَرَ.
قال النووي رحمه الله: أَيْ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يُبْغِضَهَا، لِأَنَّهُ إِنْ وَجَدَ فِيهَا خُلُقًا يُكْرَهُ، وَجَدَ فِيهَا خُلُقًا مَرْضِيًّا, بِأَنْ تَكُونَ شَرِسَةَ الْخُلُقِ، لَكِنَّهَا دَيِّنَةٌ، أَوْ جَمِيلَةٌ، أَوْ عَفِيفَةٌ، أَوْ رَفِيقَةٌ بِهِ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ. اهـ.
وقد لا تكون جميلة مثلا، ولكنها دينة خلوقة ودودة طيبة المعشر، وما دامت هذه المرأة في عصمتك فالواجب أن تؤدي إليها حقوقها، ولا تمنعها شيئا منها بغير وجه حق، والإنجاب حق من هذه الحقوق، كما هو مبين في الفتوى رقم: 31369.
والطلاق مباح، ويكره لغير حاجة، ومن أهل العلم من ذهب إلى أن الأصل فيه الحظر، وراجع الفتوى رقم: 224014.
ومن هنا، فلا ينبغي المصير إليه لأدنى سبب، فأمسك عليك زوجتك وأحسن عشرتها وأد إليها حقوقها، ولا بأس بأن تنظر في أمر الزواج من أخرى إذا كنت قادرا على العدل بينهما، وإذا صعب عليك إمساكها بالمعروف وخشيت ظلمها ففارقها بإحسان، فالطلاق قبل الإنجاب قد يكون أسهل من كونه بعده، لما قد يترتب على ذلك من حق الولد ونحوه.
والله أعلم.