الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صح ما ذكرت فإن هذا من البلاء العظيم ، فمن أعظم الظلم ظلم من يظن أن يأتي منه العدل والإنصاف ، ومن تكون في قلبه الشفقة والرحمة ، وصدق من قال :
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة * على النفس من وقع الحسام المهند
وليس هنالك ما يمكن أن يتسلى به عند حلول البلاء من الصبر ، فهو السلوى عند كل بلوى ، وعواقبه محمودة بإذن الله تعالى ، وراجعي النصوص الدالة على ذلك في الفتوى رقم: 18103.
وإن من أخطر ما ورد في سؤالك كون أمك تتهمك في عرضك - ومن الغريب أن يحدث ذلك من الأم - فإن حدث هذا فقد يترتب عليه الوقوع في القذف والذي هو الاتهام بالفاحشة تصريحا أو تلميحا ، وهو كبيرة من كبائر الذنوب ، وورد فيه الوعيد الشديد في الدنيا والآخرة ، ويمكنك مطالعة بعض النصوص بهذا الخصوص بالفتوى رقم: 211225.
وأما بالنسبة لمقاضاتها، فإن مجرد مقاضاة الوالدين لا تعتبر عقوقا إذا لم يكن الابن ظالما؛ كما بيناه في الفتوى رقم: 75076 ، وللفقهاء خلاف هل يحد الوالد إذا قذف ولده أو لا ؟ ولكننا لا ننصحك بالإقدام على هذه الخطوة ، بل العفو أولى ، وهو قربة عظيمة ولو كان مع عامة المسلمين فكيف بالأم. وراجعي الفتوى رقم: 27841.
ومع كل ما حدث تبقى الأم أماً يجب برها والإحسان إليها ، هذا حق جعله الله تعالى لها على أولادها لا يسقط بسبب شرها وشراستها وقسوتها على أولادها ، وراجعي الفتوى رقم: 177997.
وإن من أعظم إحسانك إليها دعاؤك لها أن يرزقها ربها رشدها وصوابها، ويلين قلبها، ويذهب عنه القسوة والشر وحب الأذى. وهجر الوالدين لا يجوز ، ففيه قطيعة للرحم. وقد أجازه بعض العلماء في حدود ضيقة، وذلك فيما إذا رجي أن يكون فيه مصلحة لهما ، والغالب أن لا تكون فيه مصلحة.
وعليه؛ فلا يسوغ هجرهما بحال ، وانظري الفتوى رقم 135440.
ومن المنكر أيضا خوض بعض إخوتك في عرضك واحتقارهم لك ، وينبغي مناصحتهم بالحسنى ودعوتهم إلى التوبة. وهجرهم جائز إن رجوت في ذلك مصلحة شرعية ، وإن لم ترج من ذلك مصلحة فالأولى عدم الهجر، وراجعي الفتوى رقم 106731. ومقاضاتهم جائزة ، والعفو أولى كما أسلفنا.
والله أعلم.