الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمما يستغرب، ويستنكر أن يتعدى المرء حدود الله بزعم الغضب لله تعالى! فرفع الصوت على الوالد، ومشاجرته، ومغاضبته لا تحل في دين الله تعالى، حتى ولو كان على معصية، فليس للولد تعنيفه.
قال الغزالي في الإحياء: للولد الحسبة بالرتبتين الأوليين، وهما: التعريف، ثم الوعظ، والنصح باللطف، وليس له الحسبة بالسب، والتعنيف ... اهـ.
وقال الشيخ الراجحي في القول البين الأظهر في الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر: إذا فعل الوالد منكرًا، فللولد أن يأمر والده، وينهاه بالوعظ، والنصح، مع الرفق، والتلطف في الكلام، وليس للولد مقابلة والده بالتخويف، ولا بالتهديد، ولا بالضرب، ولا بالسب، ولا بالتعنيف، ولا بتخشين الكلام؛ وذلك لأن الوالد له على ولده حق عظيم، وقد قرن الله حقه بحق الوالدين في قوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}، وأمر بالإحسان إلى الوالدين وإن كانا كافرين، مع عدم طاعتهما في الشرك، فقال تعالى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ} ...
يستعمل معه التلطف في الخطاب، والترحم عليه، والدعاء له، وبيان ضرر المعصية حتى يهدأ والده، ويسكن إليه، ويعلم أن قصد ابنه محض النصح له، والشفقة عليه، والغيرة لله ولمحارمه. اهـ.
وراجع في ما ينبغي مراعاته عند نصح الوالد، الفتوى رقم: 109767.
وإذا كان إطلاق اللحية واجبًا، فأوجب منه بر الوالدين، والإحسان إليهما، فعلى السائل أن يلتزم بحدود الأدب مع والده، كما أن عليه أن يطلق لحيته، وهذا يحتاج منه إلى رفق، ولين، وصبر، وحكمة، في التلطف مع أهله، وحسن معاملتهم ومحاورتهم، حتى يؤدي الواجبين معًا، ولا يترك خيرًا؛ لتجنب شر، بل يفعل الخير، ويجاهد نفسه في ترك الشر، والبعد عنه؛ وراجع الفتوى رقم: 252604.
والله أعلم.