الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففقهاء الشافعية إنما نصوا على هذه المسألة في من شك في الخارج منه هل هو مني أو مذي، فيتخير بينهما، ويجعل له حكم أحدهما، ولم يتكلموا بحسب اطلاعنا على من شك في الخارج هل هو خارج من القبل أو الدبر، ولكن مقتضى تعليلهم أنه يتخير فتبرأ ذمته بأحد الأشياء التي شك فيها، ويبقى الآخر مشكوكًا فيه، فلا يلزمه شيء، قال في شرح الزبد: من يشك في الخارج مِنْهُ هَل هُوَ مني أَو مذي؛ لَاشتباههما عَلَيْهِ خير بَينهمَا، فَيَجْعَلهُ منيًا ويغتسل مِنْهُ، أَو مذيًا وَيتَوَضَّأ مِنْهُ مُرَتبا، وَيغسل مَا أَصَابَهُ؛ لِأَنَّهُ إِذا أَتَى بِمُقْتَضى أَحدهمَا برئ مِنْهُ يقينًا، والأصل براءته من الآخر، ولا معارض له. انتهى.
وعلل القول بالتخير في شرح الوجيز بقوله: لأن كل واحد منهما محتمل، فإذا أتى بموجب أحدهما وجب أن تصح صلاته؛ لأن لزوم الآخر مشكوك فيه، والأصل العدم. انتهى.
وهذا التعليل ينطبق على ما إذا شك في الخارج هل هو مني أو شيء خارج من الدبر، وإن كان وقوع هذا مستبعدًا
وأما من شكت هل ما رأته من دم الحيض أو لا؟ فإن الأصل أنها لم تحض، فتبني على هذا الأصل حتى تتيقن رؤية دم الحيض.
والله أعلم.