الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على حبك لنشر الخير بين الناس، ونفيدك بأن ما قلته لا يعتبر كذبا على الله، وإنما هو كذب وتقوّل على ابن القيم، وإن كنا لم نقف على العبارة المذكورة نصا في كتبه أصلا، والكذب على الناس ليس من الأمور المكفرة ما لم يستحله قائله، وانظري الفتويين رقم: 26391، ورقم: 213577.
وأما نهيك لغيرك عن تخيل عظم الكرسي، فإن كنت تقصدين تفاصيله وكيفيته، فالنهي عن ذلك هو الصواب، لعموم قوله تعالى: وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا {الإسراء:36}.
أما تخيل عظمه إجمالا فلا مانع من ذلك، بل قد يشهد له قول النبي صلى الله عليه وسلم: ما السماوات السبع مع الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على الحلقة. أخرجه ابن حبان في صحيحه من حديث أبي ذر، وقال ابن حجر في الفتح: وَلَهُ شَاهِد عَنْ مُجَاهِد أَخْرَجَهُ سَعِيد بْن مَنْصُور فِي التَّفْسِير بِسَنَدٍ صَحِيح عَنْهُ ـ وساق الألباني طرقه في السلسلة الصحيحة ثم قال: وجملة القول أن الحديث بهذه الطرق صحيح.
والشاهد من الحديث أن المقارنة بين السماوات والكرسي والعرش وتشبيه الفرق بينها بما بين الحلقة والفلاة، مما يدعو إلى التفكر في شأنها، وهذا يدعو إلى تخيل العظم إجمالا، وفي دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين: باب في التفكر ـ أي: إجالة الفكر في عظيم مخلوقات الله تعالى كالعرش والكرسي والسماء والأرض، ففي الحديث: ما السماء والأرض وما بينهما في العرش إلا كحلقة ألقيت في فلاة من الأرض. اهـ.
فالصواب أن يكون النهي عن تخيل الكرسي على أنه ككراسي الدنيا، لا عن تخيل عظمه مطلقا.
وأما بخصوص تقوية الذاكرة: فراجعي الفتويين رقم: 50689، ورقم: 42762، وما أحيل عليه فيهما.
وننصحك بالسعي إلى إتقان ما تحتاجين إليه في النصح والإرشاد، من علم شرعي، وحفظ للنصوص الشرعية وكلام أهل العلم ونحو ذلك مما يعتبر زادا للداعية إلى الله، كما ننصحك بالتأني في كلامك وسائر أمورك، فلا تنطقي أو تفعلي شيئا إلا بعد التحري والتثبت، وعند الحاجة إلى نقل عبارة عن غيرك وأنت غير متأكدة مما تنقلينه أن تتبعيه بقول يشعر بذلك كقول: أو قريبا من ذلك ـ ونحوه، حتى تسلمي من التقول على الغير بما لم يقله، وإذا أخطأت في نقل كلام ما أو خشيت أن يفهم على غير المراد فبادري بالتصحيح وإزالة اللبس والإيهام، ولا يمنعنك الخجل من ذلك، وما سبق منك من زلل فعليك بالتوبة والاستغفار منه.
والله أعلم.