الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فلا حرج على المأموم في تغيير جلسته قبل أن يقبل الإمام بوجهه على المصلين، ولا يعد هذا من الانصراف الذي ذكر الفقهاء أنه مكروه، والانصراف المكروه هو أن يقوم من المكان، وأعلوه بأن الإمام ربما تذكر سجود سهو، كما قال ابن قدامة في المغني : وَيُسْتَحَبُّ لِلْمَأْمُومِينَ أَنْ لَا يَثِبُوا قَبْلَ الْإِمَامِ؛ لِئَلَّا يَذْكُرَ سَهْوًا فَيَسْجُدَ ... فَإِنْ خَالَفَ الْإِمَامُ السُّنَّةَ فِي إطَالَةِ الْجُلُوسِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، أَوْ انْحَرَفَ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يَقُومَ الْمَأْمُومُ، وَيَدَعَهُ اهـ. وهذا واضح في أن المراد بالانصراف القيام.
وجاء في تحفة المحتاج: وَأَنْ يَمْكُثَ الْمَأْمُومُ فِي مُصَلَّاهُ حَتَّى يَقُومَ الْإِمَامُ مِنْ مُصَلَّاهُ إنْ أَرَادَهُ عَقِبَ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ؛ إذْ يُكْرَهُ لِلْمَأْمُومِ الِانْصِرَافُ قَبْلَ ذَلِكَ حَيْثُ لَا عُذْرَ لَهُ. اهــ.
والمكوث هو البقاء في المكان، ولا ينافيه تغيير الجلسة، كأن يتربع، أو نحو ذلك، ولم نقف على كلام لأهل العلم في أن تغيير المأموم جلسته يعد من الانصراف قبل الإمام.
وهذا كله على سبيل الاستحباب لا الوجوب.
والله تعالى أعلم.