الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى لك الشفاء، والعافية، ونوصيك بالإعراض عن الوساوس، وعدم الاسترسال فيها، فذلك أنجع دواء لها، وراجعي الفتوى رقم: 51601، بهذا الخصوص.
وفيما يتعلق بأسئلتك فسنجيب عليها ـ بحول الله ـ وفق التسلسل الذي وردت به:
1ـ بما أنك مصابة بالسلس فيجوز لك الجمع بين صلاتين في وقت إحداهما، ويجوز أن يكون جمعك هذا جمع تقديم، أو جمع تأخير بحسب الأرفق بك، كما بينا في الفتوى رقم: 24945.
ثم إنه لا حرج عليك في العمل بالقول الأسهل في هذه المسألة، وهو قول المالكية الذين يرون أن الحدث الدائم لا ينقض الوضوء، ولا يعد هذا من تتبع الرخص المذموم، كما سبقت الإشارة إليه في الفتوى رقم: 181305.
وبالنسبة لمذهب المالكية في المسألة، فراجعي بشأنه الفتوى رقم: 75637.
2ـ وفيما يخص التوتر الذي يصيبك أثناء الصلاة: فلا يؤثر في صحتها، ولا شيء عليك فيه، كما تقدم في الفتوى رقم: 211822.
ثم اعلمي أنه لا يشرع لك قطع الصلاة للرد على الهاتف، أو فتح الباب، أو ما شابه ذلك، خاصة إذا كانت فريضة، فحاولي تخفيفها، ولا تقطعيها، والتخفيف عمومًا ـ مع الإتيان بالأركان تامة ـ قد يكون أنسب لمن به سلس، وكذا لصاحب الوسواس.
3ـ وبالنسبة لحبس الريح في الصلاة، فإن كانت تأتيك باستمرار فحكمها حكم السلس، ولا يضر خروجها أثناء الصلاة، وإن كانت تأتيك في بعض الأحيان فقط، فحاولي الصلاة في الأوقات التي لا تأتيك فيها عادة، وفي العموم فإن الصلاة صحيحة مع حبس الريح إذا لم يخرج منها شيء، ولم يترتب على حبسها ترك ركن، أو واجب، مع كراهة الإقدام على الصلاة في هذه الحالة إذا أمكن تفاديها، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 93612، 165751، 101633.
4ـ وبالنسبة لما ينزل منك ولا تدرين هل هو مني أم لا، فالجواب أن المني له علامات بيناها في الفتوى رقم: 128091 فراجعيها.
وعلى فرض أنه مني فلا يجب عليك الغسل إلا إذا صاحبته شهوة، أو سببَتْه، عند جمهور العلماء من الحنفية، والمالكية، والحنابلة، ثم إن كان المني دائمًا لم يلزمك الغسل عند الجمهور، لكن ينبغي عليكِ الوضوء لكل وقتٍ بنية استباحة الصلاة، فتصلين به فريضته وما شئت من النوافل، ثم إذا دخل وقت الفريضة الأخرى وجب وضوء جديد، وهكذا.. وانظري الفتوى رقم: 218467.
وننصحك بعرض حالتك على طبيب مختص؛ لأن نزول المني المتكرر دون سبب عادي ربما يكون ناتجًا عن مرض عضوي، فيرجع فيه إلى الطبيب.
5ـ أما دخولك في الوضوء ـ والحالة هذه ـ دون الالتفات إلى الحدث فصحيح؛ لأن صاحب سلس الريح الملازم له لا يضره نزول الحدث أثناء الطهارة، وكذلك الحال بالنسبة لبقية النواقض الملازمة، فالله سبحانه لا يكلف نفسًا إلا وسعها وقد قال في محكم كتابه: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن:16}.
وراجعي الفتوى رقم: 138158.
6ـ وبالنسبة لمن شك في الإتيان بركن من أركان الصلاة، والحال أن شكوكه كثيرة تصل حد الوسوسة ـ كما هو حاصل معك ـ فقد ذكر أهل العلم أنه لا يلتفت للشك، ولا يسجد له، ويبني على الأكثر، ومنهم من يرى أنه يسجد بعد السلام ترغيمًا للشيطان، قال ناظم الأخضري:
وليتركِ الوسوسة الموسوسُ ولازم البعديَّ فيما يهجسُ.
أما من شكه غير دائم فيبني على اليقين، ويأتي بالركن الذي شك فيه؛ لأن الأصل عدم فعله، كما ذكرنا ذلك مفصلًا في الفتوى رقم: 156451.
ومع أن الموسوس محطوط عنه هذا الأمر ـ البناء على اليقين ـ إلا أنه لو عمل به فصلاته صحيحة.
والله أعلم.