الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالراجح أن الأحفاد ليسوا كالأبناء المباشرين في حكم التسوية بينهم في الهبة، فلا يجب التسوية بين الأحفاد، كما سبق بيانه في الفتويين: 77744، 112206.
وعلى ذلك، فلا حرج في تخصيص جدة أمك إياها بالهبة، إن كان للجدة أبناء، أو أحفاد آخرون.
وإنما النظر في اشتراط الجدة الإنفاق عليها إلى أن يتوفى الله إحداهما.
قال ابن قدامة في (المغني): إن شرط في الهبة ثوابا معلوما صح، نص عليه أحمد؛ لأنه تمليك بعوض معلوم، فهو كالبيع، وحكمها حكم البيع في ضمان الدرك، وثبوت الخيار، والشفعة. وبهذا قال أصحاب الرأي. ولأصحاب الشافعي قول أنه لا يصح؛ لأنه شرط في الهبة ما ينافي مقتضاها ... فأما إن شرط ثوابا مجهولا، لم يصح، وفسدت الهبة، وحكمها حكم البيع الفاسد، يردها الموهوب له بزيادتها المتصلة، والمنفصلة؛ لأنه نماء ملك الواهب، وإن كانت تالفة رد قيمتها. وهذا قول الشافعي، وأبي ثور. وظاهر كلام أحمد - رحمه الله - أنها تصح، فإذا أعطاه عنها عوضا رضيه، لزم العقد بذلك. اهـ.
وعلى هذا القول فإن الهبة تصح ما دامت الجدة قد رضيت بمجرد النفقة إلى أن توفاها الله.
وبناء على هذا، يكون جواب أسئلة السائل:
أنه لا حرج على أمك في قبول هذه الهبة.
ولا حرج عليكم في إرثها عنها بعد وفاتها.
ولا إثم على الجدة في هذه الهبة.
ولا بأس عليك في سكنى البيت الذي بنته أمك من هذا المال، ولا يلزمك بذل أجرة ذلك.
والواجب على والدتك أن تخرج زكاة الباقي من هذا المال إذا كان يبلغ النصاب، وذلك عن كل السنين الفائتة؛ لأن الزكاة لا تسقط بالتقادم. وأما الفوائد الربوية، فلا زكاة عليها؛ لأنها مال محرم، لا يجوز لصاحبه تملكه أصلاً، بل يجب عليه التخلص منه، بإنفاقه في وجوه الخير، هذا مع التوبة، وإخراج المال من البنك الربوي.
وراجع الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 18344، 68747، 199531.
والله أعلم.