الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذهب كثير من المفسرين إلى أن تفسير قوله تعالى في سورة الزلزلة: يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا [الزلزلة:4]. هو أن تخبر الأرض بما عمل عليها من خير أو شر يومئذ. ابن كثير 4/697، زاد المسير 9/204، الشيخ عطية سالم الأضواء 9/431.
ونقل القرطبي 20/138 عن الإمام الماوردي: أن قَوْلُهُ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها: فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقَاوِيلَ: أَحَدُهَا- تُحَدِّثُ أَخْبارَها بِأَعْمَالِ الْعِبَادِ عَلَى ظَهْرِهَا، قَالَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَرَوَاهُ مَرْفُوعًا. وَهُوَ قَوْلُ مَنْ زَعَمَ أَنَّهَا زَلْزَلَةُ القيامة.
الثَّانِي: تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا بِمَا أَخْرَجَتْ مِنْ أَثْقَالِهَا، قَالَهُ يَحْيَى بْنُ سَلَّامٍ. وَهُوَ قَوْلُ مَنْ زَعَمَ أَنَّهَا زَلْزَلَةُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ.
الثَّالِثُ: أَنَّهَا تُحَدِّثُ بِقِيَامِ السَّاعَةِ إِذَا قَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا؟ قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ. فَتُخْبِرُ أَنَّ أَمْرَ الدُّنْيَا قَدِ انْقَضَى، وَأَمْرَ الْآخِرَةِ قَدْ أَتَى. فَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْهَا جَوَابًا لَهُمْ عِنْدَ سُؤَالِهِمْ، وَوَعِيدًا لِلْكَافِرِ. اهـ.
وحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- المشار إليه في القول الأول رواه الترمذي قال: قرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذه الآية: يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا قال: أتدرون ما أخبارها؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد وأمة بما عمل على ظهرها، أن تقول: عمل كذا وكذا يوم كذا وكذا، فهذه أخبارها. ثم قال الترمذي: حديث صحيح غريب. وضعفه الشيخ الألباني، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: إسناده ضعيف.
قال الشيخ عطية سالم رحمه الله في تكملة الأضواء: التحديث هنا صريح في التحديث وهو على حقيقته؛ لأن في ذلك اليوم يتغير كل شيء، وكما أنطق الله الجلود ينطق الأرض فتحدث بأخبارها: وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [فصلت:21]. والمراد بأخبارها: أنها تخبر عن أعمال كل إنسان عليها في حياته. الأضواء 9/433.
وفي كيفية تحديثها ثلاثة أقوال:
أحدها: أن الله تعالى يقلبها حيوانًا ناطقًا، فتتكلم بذلك.
الثاني: أن الله تعالى يحدث فيها الكلام.
الثالث: أنه يكون منها بيان يقوم مقام الكلام. القرطبي: 20/138.
أما صفات المنافقين أعاذنا الله منها، فقد ذكر بعضها في ثلاث عشرة آية متتالية من سورة البقرة من الآية 7 إلى الآية 20 ولا يتسع المقام لسرد جميع صفات المنافقين وذكر سماتهم.
والله أعلم.