الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرنا في الفتوى رقم: 3310، وتوابعها أن ضابط التشبه المحظور أن يكون فيما يختص به الكفار، أو الفساق، أو صار شعارًا لهم، فإذا انتشر شيء بين المسلمين بحيث لم يتميز به الكفار والفساق، فإنه يخرج من معنى التشبه المحرم، إلا أن يكون محرمًا من جهة أخرى، ككشفه العورة.
فاعتبر ذلك في قُبعة التخرج؛ فنحن لا ندري صفتها، هل تختص بالكفار، والفساق، أم هي شائعة بين الناس لا تختص بأحد؟
وأما الأجهزة الحديثة فهي مباحة لا حرج فيها، وليست من التشبه بالكفار؛ وانظري الفتوى رقم: 118260.
وقد أخذ النبي صلى الله عليه وسلم الخندق عن الفرس -نقله سلمان الفارسي-. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: يُقَالُ: إنَّ سَلْمَانَ الْفَارِسِيَّ أَشَارَ بِهِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. اهـ.
وأخذ عمر الدواوين عن الفرس.
قال ابن جرير في حوادث سنة 15هـ: وفي هذه السنة فرض عمر للمسلمين الفروض، ودون الدواوين، وأعطى العطايا على السابقة. اهـ.
ومعلوم أن الدواوين كان يستعملها الفرس، وقد ذكر الطبري ذلك عنهم.
قال ابن مسكويه في تجارب الأمم، وتعاقب الهمم: وكان عمر أول من دوّن الدواوين من العرب، وكان سبب ذلك أنّ أبا هريرة قدم عليه من البحرين، ومعه مال، فلقي عمر، فقال له عمر: - «ماذا جبيت؟» قال: «خمسمائة ألف درهم»، فقال عمر: «أتدري ما تقول؟» قال: «نعم، مائة ألف، ومائة ألف، ومائة ألف، ومائة ألف، ومائة ألف».
فصعد المنبر، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: «أيّها الناس، قد جاء مال عظيم، فإن شئتم كلنا كيلًا، وإن شئتم أن يعدّ عددنا» فقام رجل، فقال: «يا أمير المؤمنين، هؤلاء الأعاجم يضبطون هذا بالديوان»، قال: «فدوّنوا الدواوين» وكان عمر بعث بعثًا بعد أن آمن الفيرزان وحضره فقال: «يا أمير المؤمنين، هذا البعث قد أعطيت أهله الأموال، فإن تخلّف منهم رجل، وأخلّ بمكانه ما يدري صاحبك به؟» وأشار عليه بالديوان، وفسّره له، فوضع عمر الديوان. انتهى.
والله أعلم.