الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما دمتما تسلمان على بعضكما عندما تلتقيان، فليس بينكما هجران محرم عند أكثر أهل العلم، وقال بعضهم: لا يزول الهجران إلا برجوع المتهاجرين لما كانا عليه من علاقة قبل الهجران.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: قال أكثر العلماء: تزول الهجرة بمجرد السلام ورده. وقال أحمد: لا يبرأ من الهجرة إلا بعوده إلى الحال التي كان عليها أولا، وقال أيضا: ترك الكلام إن كان يؤذيه لم تنقطع الهجرة بالسلام، وكذا قال ابن القاسم. انتهى.
وقد أحسنت بإرسال رسالة تعزية لابن عمك في وفاة أمه، ولا شك أن الأفضل أن تعود العلاقة بينكما كما كانت قبل الاختلاف.
وعلى فرض أنكما لا تبرآن من الهجرة إلا بعودتكما إلى الحال التي كنتما عليها أولا؛ كما هو قول الإمام أحمد، فإن المقصود بمن يخلد في النار هنا من توفرت فيه أمور ذكرها النووي- رحمه الله- في شرح مسلم حيث قال: هَذَا الْحَدِيثُ يَتَأَوَّلُ تَأْوِيلَيْنِ سَبَقَا فِي نَظَائِرِهِ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ: أَحَدُهُمَا حَمْلَهُ عَلَى مَنْ يَسْتَحِلُّ الْقَطِيعَةَ بِلَا سَبَبٍ، وَلَا شُبْهَةٍ مَعَ عِلْمِهِ بِتَحْرِيمِهَا. فَهَذَا كَافِرٌ يُخَلَّدُ فِي النَّارِ، وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَبَدًا.
وَالثَّانِي: مَعْنَاهُ: وَلَا يَدْخُلُهَا فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ مَعَ السَّابِقِينَ، بَلْ يُعَاقَبُ بِتَأَخُّرِهِ الْقَدْرِ الَّذِي يُرِيدُهُ اللَّهُ تَعَالَى. انتهى.
ويفهم مما سبق أن من لم يعتقد جواز القطيعة، أو اعتقدها وهو يجهل حكم الشرع فيها، فإنه لا يكفر، ولا يخلد في النار.
وللفائدة يرجى مراجعة هذه الفتاوى: 18350، 61781، 113587، 128614.
والله أعلم.