الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان صنيعك هذا من باب التورية والمعاريض، ولا ضرر فيه على أحد، فليس هو بمحرم، وليس من الكذب؛ وراجعي في بيان المعاريض الفتوى رقم: 68919.
وليعلم أن الإصلاح من الأمور التي جاء الشرع بالرخصة في توسعة القول فيها؛ سعيا لتحصيلها، كما في الصحيحين عن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يقول: «ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس، ويقول خيرا، وينمي خيرا».
قال ابن شهاب: ولم أسمع يرخص في شيء مما يقول الناس كذب، إلا في ثلاث: الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته، وحديث المرأة زوجها.
جاء في شرح صحيح مسلم للنووي: قال القاضي: لا خلاف في جواز الكذب في هذه الصور، واختلفوا في المراد بالكذب المباح فيها ما هو؟ فقالت طائفة: هو على إطلاقه. وأجازوا قول ما لم يكن في هذه المواضع للمصلحة. وقالوا: الكذب المذموم ما فيه مضرة، واحتجوا بقول إبراهيم صلى الله عليه وسلم: بل فعله كبيرهم. وإني سقيم. وقوله: إنها أختي. وقول منادي يوسف صلى الله عليه وسلم: أيتها العير إنكم لسارقون. قالوا: ولا خلاف أنه لو قصد ظالم قتل رجل هو عنده مختف، وجب عليه الكذب في أنه لا يعلم أين هو. وقال آخرون منهم الطبري: لا يجوز الكذب في شيء أصلا. قالوا: وما جاء من الإباحة في هذا، المراد به التورية، واستعمال المعاريض لا صريح الكذب. أما كذبه لزوجته، وكذبها له. فالمراد به في إظهار الود، والوعد بما لا يلزم ونحو ذلك، فأما المخادعة في منع ما عليه، أو عليها، أو أخذ ما ليس له، أو لها، فهو حرام بإجماع المسلمين .اهـ. باختصار. وراجعي الفتوى رقم: 110634 .
والله أعلم.