الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذهب بعض أهل العلم إلى عدم نفوذ الطلاق حال الغضب الشديد الذي لم يفقد صاحبه الإدراك، لكن الذي نفتي به في موقعنا في أكثر الفتاوى، أنّ الغضب لا يمنع من نفوذ الطلاق إلا إذا بلغ حداً سلب صاحبه الإدراك، وغلب على عقله، وانظر الفتوى رقم: 98385.
وعليه، فالمفتى به عندنا أنك ما دمت تلفظت بطلاق زوجتك مدركًا، غير مغلوب على عقلك، فقد وقع طلاقك، لكن المسائل المختلف في حكمها يجوز للعامي العمل فيها بما يترجح عنده أنه الحق، إما بالنظر في الأدلة، والعمل بأرجحها إن كان يقدر على ذلك، وإما بتقليد الأوثق في نفسه إن كان غير مؤهل للنظر في الأدلة، قال الخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه: فإن قال قائل: فكيف في المستفتي من العامة إذا أفتاه الرجلان واختلفا، فهل له التقليد؟ قيل: إن كان العامي يتسع عقله، ويكمل فهمه إذا عقِّل أن يعقل، وإذا فُهِّم أن يفهم، فعليه أن يسأل المختلفين عن مذاهبهم، وعن حججهم فيأخذ بأرجحها عنده، فإن كان له عقل يقصر عن هذا، وفهمه لا يكمل له، وسعه التقليد لأفضلهما عنده. انتهى.
وعلى القول بعدم نفوذ الطلاق: فرجعتك لزوجتك لا تضر، لكن الرجوع عن التقليد بعد العمل بالفتوى غير جائز عند أكثر أهل العلم، وبعضهم يرى جوازه، وراجع الفتوى رقم: 186941.
والله أعلم.