الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقول النبي صلى الله عليه وسلم: لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة. إنما يتناول الولايات العامة دون الخاصة.
والولاية العامة ـ كما جاء في (الموسوعة الفقهية) ـ هي: سلطة على إلزام الغير، وإنفاذ التصرف عليه بدون تفويض منه، تتعلق بأمور الدين، والدنيا، والنفس، والمال، وتهيمن على مرافق الحياة العامة وشؤونها، من أجل جلب المصالح للأمة، ودرء المفاسد عنها. وهي منصب ديني، ودنيوي، شرع لتحقيق ثلاثة أمور: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأداء الأمانات إلى أهلها، والحكم بينهم بالعدل ..
وللولاية العامة مراتب، واختصاصات تتفاوت فيما بينها، وتتدرج من ولاية الإمام الأعظم إلى ولاية نوابه، وولاته ونحوهم، وبها يناط تجهيز الجيوش، وسد الثغور، وجباية الأموال من حلها، وصرفها في محلها، وتعيين القضاة، والولاة، وإقامة الحج، والجماعات، وإقامة الحدود والتعازير، وقمع البغاة والمفسدين، وحماية بيضة الدين، وفصل الخصومات، وقطع المنازعات، ونصب الأوصياء والنظار والمتولين ومحاسبتهم. وما سوى ذلك من الأمور التي يستتب بها الأمن، ويحكم شرع الله ...
ذهب جمهور أهل العلم إلى اشتراط الذكورة لصحة تولي الولايات العامة، وذلك لقوله تعالى: {الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم} حيث دل على أن الرجل هو القائم على المرأة، فكيف تقوم هي على شؤون الأمة؟ ولما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة". فقد قرن الرسول عليه الصلاة والسلام عدم الفلاح للأمة بتولي المرأة شؤونها. اهـ.
وقد اتفق الفقهاء في ذلك على منصب الإمامة العامة، أو الولاية العظمى (رئاسة الدولة).
جاء في (الموسوعة الفقهية): اتفق الفقهاء على أن من شروط الإمام الأعظم أن يكون ذكرا، فلا تصح ولاية امرأة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة". ولكي يتمكن من مخالطة الرجال، ويتفرغ لتصريف شؤون الحكم؛ ولأن هذا المنصب تناط به أعمال خطيرة، وأعباء جسيمة تلائم الذكورة. اهـ.
وذكروا كذلك في شروط وزارة التفويض: الذكورة.
جاء في (الموسوعة): يشترط في الوزير أن يكون رجلا؛ لقوله تعالى: {الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض} وقوامة الرجل ليست قاصرة على البيت، بل تشتمل الولايات العامة في الدولة، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة". ولم يثبت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وفي عهد الراشدين ومن بعدهم ولاية عامة لامرأة. اهـ.
وكذلك الحال في وزارة التنفيذ.
جاء في (الموسوعة): يشترط في وزير التنفيذ أن يكون رجلا، ولا يصح أن تقوم بوزارة التنفيذ امرأة - وإن كان خبرها مقبولا - لما تضمنته الوزارة معنى الولايات المصروفة عن النساء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" ولأن فيها من طلب الرأي، وثبات العزم ما تضعف عنه النساء، ومن الظهور في مباشرة الأمور ما هو عليهن محظور. اهـ.
وراجع لمزيد الفائدة عن ذلك الفتوى رقم: 32047.
والمقصود مما سبق بيان نوع الولاية التي لا يصح أن تتولاها المرأة، ليعلم السائل أن ترؤُّس جمعية خيرية ليس من هذا الباب، فالنظر فيها ينحصر في مشروعية أعمال الجمعية، وانضباطها بالضوابط الشرعية، فإن كان الحال كذلك، فلا حرج على السائل في المشاركة في أعمال هذه الجمعية.
والله أعلم.