الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإذا احتل الكفار بلاد المسلمين فما كان منها من الأماكن العامة ونحوها مما هي ليست ملكا لمسلم بعينه، فإنه لا يقال بعدم جواز الصلاة فيها بحجة أنها مغصوبة، لأن تلك الأماكن ملك لجميع المسلمين واحتلال الكفار لها لا يغير من ملكيتها شيئا فتجوز للمسلمين الصلاة فيها، لأنها ملك لهم، وإنما منعت الصلاة في الأرض المغصوبة عند من قال بها، لأنه كما قال ابن قدامة في المغني: لِكَوْنِهِ تَصَرُّفًا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ.
وهذا لا يصدق على الأماكن التي ليست ملكا لمسلم بعينه، وما كان من تلك الأرض التي احتلها الكفار ملكا لمسلم معين كالدور ونحوها، فإن الغالب أن لا يُعلم عينُه الآن لتغير معالم البلاد، فلا يُدرى مع طول الزمن هل كان هذا المكان ملكا لمسلم بعينه أم لا، والأصل صحة الصلاة، لعموم حديث: وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ. متفق عليه، واللفظ للبخاري.
ولو فُرض أن مكانا معينا علم أنه مغصوب من مسلم بعينه، فالذي يظهر أنه يجري فيه خلاف الفقهاء في الأرض المغصوبة، لأنه إذا منعت الصلاة فيه إذا غصبه منه مسلم فمن باب أولى لو غصبه منه كافر.
والله أعلم.