الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يسبق إلى الحلق ـ أي يبلع من غير تعمد ـ من ماء الوضوء أو نحوه لا يفسد به الصوم، وبه تعلمين أنه لا يلزمك قضاء الأيام التي لم تتعمدي فطرها والتي سبق الماء أو نحوه كالفازلين إلى حلقك من غير قصد منك، قال ابن قدامة رحمه الله: وَإِنْ تَمَضْمَضَ، أَوْ اسْتَنْشَقَ فِي الطَّهَارَةِ، فَسَبَقَ الْمَاءُ إلَى حَلْقِهِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ وَلَا إسْرَافٍ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.... لأَنَّهُ وَصَلَ إلَى حَلْقِهِ مِنْ غَيْرِ إسْرَافٍ وَلَا قَصْدٍ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ طَارَتْ ذُبَابَةٌ إلَى حَلْقِهِ، وَبِهَذَا فَارَقَ الْمُتَعَمِّدَ، فَأَمَّا إنَّ أَسْرَفَ فَزَادَ عَلَى الثَّلَاثِ، أَوْ بَالَغَ فِي الِاسْتِنْشَاقِ، فَقَدْ فَعَلَ مَكْرُوهًا، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ: وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ، إلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا ـ حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَلِأَنَّهُ يَتَعَرَّضُ بِذَلِكَ لِإِيصَالِ الْمَاءِ إلَى حَلْقِهِ، فَإِنْ وَصَلَ إلَى حَلْقِهِ، فَقَالَ أَحْمَدُ: يُعْجِبُنِي أَنْ يُعِيدَ الصَّوْمَ، وَهَلْ يُفْطِرُ بِذَلِكَ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. انتهى بتصرف.
وبهذا تتبينين ما يلزمك قضاؤه وما لا يلزمك، فإن جاء رمضان وكان قد بقي عليك شيء من الأيام التي يلزمك قضاؤها فإنك تقضينها بعد رمضان وتطعمين مع كل يوم مسكينا لتأخير القضاء؛ إلا أن تكوني جاهلة بحرمة تأخيره فلا فدية عليك، وانظري الفتوى رقم: 123312.
ونحذرك من الوساوس وننصحك بالإعراض عنها، فإن الاسترسال مع الوساوس يفضي إلى شر عظيم.
والله أعلم.