الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنية المطلوبة شرعًا والتي يناط بها حصول الثواب هي أن يؤدي العبد الطاعة، ويأتي بالعبادة ابتغاء وجه الله تعالى، وتقربًا إليه، فإذا فعل العبد هذا حصل له الثواب المترتب على تلك العبادة، سواء علمه أم لم يعلمه، وسواء نواه أم لم ينوه، قال القاضي في تعريف النية المأمور بها شرعًا: والشرع خصّها بالِإرادة، والتوجه، نحو الفعل ابتغاء لوجه الله تعالى، وامتثالًا لحكمه. انتهى.
وإذا علمت هذا، فإن من صلى الضحى مثلًا حصلت له صدقة مفاصله، وغير ذلك من الأجور المترتبة على صلاة الضحى، وإن لم ينو هذا الثواب إذا كان قد صلى ابتغاء وجه الله تعالى، وطلبًا لمثوبته.
وأما الأحاديث الواردة في الترغيب في تلك الطاعات: فإن المراد بها حث الناس على المبادرة إلى الخيرات، وعدم التهاون في فعلها، وليس المراد أنه لا يحصل له إلا الثواب الذي يستحضره، وينويه، وفضل الله تعالى واسع، فمن لم يعلم بثواب العمل أصلًا فإنه يحصل له، كالذي سقى الكلب فشكر الله له فغفر له، وكالذي يتكلم بالكلمة من رضوان الله ما يظن أنها تبلغ ما بلغت يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه، وغير ذلك كثير يشهد لما ذكرناه، وهو واضح جدًّا -بحمد الله-.
والله أعلم.