الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يمن عليك بالشفاء، وعليك بالمواظبة على التعوذات، والتحصينات الربانية المأثورة، وننصحك بعلاج نفسك بالرقية الشرعية، مع الحفاظ على الطاعات، والبعد عن المعاصي، فارقي نفسك، وهذا خير علاج، ولا بأس في أن تسترقي الرقاة المعروفين بالاستقامة واتباع السنة.
وأما عن الغازات والقطرات التي تذكرين: فإن كنت متحققة من حصولها فعلًا، فإن من كان مصابًا بخروج الريح، أو البول خروجًا مستمرًا بحيث لا يأتي عليه وقت يمكنه الصلاة فيه بطهارة، فحكمه حكم صاحب السلس، فيتوضأ للصلاة بعد دخول وقتها، ويصلي الفريضة وما شاء من النوافل، وإن كان خروج الريح يتوقف عنه زمناً يمكنه أداء الصلاة فيه أخر الصلاة إلى ذلك الوقت، وهذا ما لم يخف خروج وقت الصلاة، فإن خاف خروجه، توضأ وصلى ولو أحدث في أثناء صلاته أو وضوئه فصلاته صحيحة، ومن صلت ثم وجدت بللًا وشكت هل خرج منها في الصلاة أو بعدها فلا إعادة عليها؛ لأن الشك بعد الانتهاء من الصلاة أو غيرها لا عبرة به، كما ذكره غير واحد من أهل العلم، قال ابن قدامة في المغني: وإن شك بعد الفراغ منه لم يلزمه شيء؛ لأن الشك في شرط العبادة بعد فراغها لا يؤثر فيها. انتهى.
وظاهر ما ذكرته يفيد أن خروجها ليس مستمرًّا، وأنه ينقطع، وإذا كان الأمر كذلك فإنك تنتظرين انقطاعها، وتتحينين وقتاً لا تخرج فيه، وتتوضئين وتصلين الصلاة قبل خروج وقتها، ولو فاتتك الجماعة؛ لأن الطهارة شرط لصحة الصلاة والجماعة ليست شرطًا، وأما إذا كان خروجها يستغرق الوقت بحيث لا تعلمين وقتًا تستطيعين أن تؤدي فيه الصلاة على طهارة قبل خروج وقتها، فأنت مصابة بسلس البول، فتوضئي لكل صلاة بعد دخول وقتها، وصلي، ولا يضرك ما خرج منك، وانظري الفتويين رقم: 136434، ورقم: 119395، عن ضابط السلس وبعض أحكامه، والفتوى رقم: 148753، عمن صلى صلوات كانت تنزل أثناءها قطرة أو أكثر من البول، والفتوى رقم: 118676، فيما يلزم من ينزل منه قطرات من البول أثناء اليوم.
وأما الوساوس في أركان الصلاة والطهارة إذا كثرت: فعلاجها بالإعراض عنها، ولا إصلاح على صاحبها، ويبني على الأكثر، كما سبق بيانه في عدة فتاوى منها الفتاوى التالية أرقامها: 150531، 124075، 186811.
وأما ما شككت فيه هل هو من البول، أو من الرطوبات الطبيعية، كالعرق، فلا شيء فيها إذا لم تتيقني يقينًا جازمًا تستطيعين أن تحلفي عليه، أنها من البول، فدعي الشك, ولا تعيريه اهتمامًا، واعملي بهذا الأصل, وهو عدم خروج شيء، فإذا حصل لك اليقين الجازم بخروج قطرات البول تلك، فاغسلي الموضع الذي أصابه البول، واستنجي، وتوضئي، ولكن الذي يغلب على الظن أن ما تعانين منه مجرد وساوس، علاجها الإعراض عنها, وعدم الالتفات إليها ـ كما مر ـ ولو تعودت رش المنطقة بعد قضاء الحاجة؛ لتنسبي لذلك ما يعتريك من إحساس، لكان في ذلك علاج لمسألتك، قال ابن قدامة في المغني: ويستحب أن ينضح على فرجه وسراويله ليزيل الوسواس عنه، قال حنبل: سألت أحمد بن حنبل قلت: أتوضأ وأستبرئ وأجد في نفسي أني قد أحدثت بعده، قال: إذا توضأت فاستبرئ ثم خذ كفًا من ماء فرشه على فرجك، ولا تلتفت إليه، فإنه يذهب إن شاء الله. انتهى.
وقال الإمام النووي في المجموع: يستحب أن يأخذ حفنة من ماء فينضح بها فرجه، وداخل سراويله، وإزاره بعد الاستنجاء دفعًا للوسواس. انتهى.
وأما عن العمرة: فتجب الطهارة لطوافها، فتوضئي قبل الطواف، ولا يضرك ما يخرج من القطرات إذا كان خروجها لا يعلم وقت انقطاعه، وأما إن أمكن علم وقت انقطاعه فيتعين تحريه.
والله أعلم.