الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تكسب الزوجة من مال فهو حق خالص لها، لا يجوز لزوجها التحكم فيه، أو إلزامها بدفع ما لا يجب عليها دفعه. وراجعي الفتوى رقم: 9116.
وههنا أمر جدير بالتنبيه عليه وهو أنه إذا لم تشترط الزوجة على زوجها عند عقد النكاح أن تعمل، كان لزوجها الحق في منعها من الخروج للعمل، ويجب عليها طاعته في ذلك. ويجوز له السماح لها بالعمل مقابل مال تدفعه له أو تساهم به في نفقة البيت ونحو ذلك. وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 19680.
ونفقة الزوجة واجبة على الزوج بالمعروف، في المأكل والمشرب والملبس والمسكن، حسب قدرته، كما قال تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا {الطلاق:7}، هذا مع مراعاة حال الزوجة أيضا. فالزوجة ليست ملزمة بأن تنفق على نفسها - ولو كانت غنية - وكذلك الحال بالنسبة للأولاد، فإن نفقتهم واجبة على أبيهم بقدر الكفاية، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنه يدخل في نفقتهم الواجبة مصروف التعليم، كما سبق وأن بينا في الفتوى رقم: 114979.
ومن خلال ما ذكرنا يتبين أنه يجب على زوجك القيام بالنفقة عليك وعلى أولادك حسب العرف والعادة، سواء في الملبس وغيره، من غير إفراط أو تفريط. ولا يحق له أن يلزمك بالنفقة على نفسك أو على الأولاد.
والأفضل في هذا كله أن يكون بينكما التفاهم والتعاون، ومهما أمكنك المساهمة معه بطيب نفس منك فافعلي اتقاء لمحاذير يمكن أن تحصل، كأن يمنعك من العمل أصلا، أو يدخل الشيطان فيحصل بينكما الشقاق، ويحصل بعده الفراق، ويكون الندم حيث لا ينفع الندم.
وننبه في الختام إلى جملة أمور:
الأمر الأول: أن التهادي بين الزوجين من أسباب جلب المودة بينهما، ودوام الحياة الزوجية . في مسند أحمد وسنن الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تهادوا فإن الهدية تذهب وغر الصدر.
وينبغي للزوج أن يهدي لزوجته ولو لم تهد إليه، فكيف إذا أهدت إليه، فيتأكد هنا الإهداء لها مكافأة على ما أسدت من معروف، ففي مسند أحمد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: من أهدى لكم فكافئوه....الحديث.
الأمر الثاني: أنه لا يجب على الزوج نفقة العمرة لزوجته وأولاده، وهي لا تلزم الزوجة أيضا. وإذا رغبت الأسرة في أداء العمرة فليكن التعاون في مثل هذا. وما ذكرت من أن يدفع زوجك نفقته وتدفعين نفقتك وتتناصفان نفقة الأولاد اقتراح جيد.
والله أعلم.