الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لنا ولكم العافية، ونفيدكم أنه لا حرج في هذا الأمر؛ لأن الأصل في ذلك هو الإباحة ما لم يثبت المنع، وقد ثبت عن السلف القراءة في الماء، وأفتى جمع منهم بالقراءة على الزيت.
فقد قال محمد بن مفلح في الآداب الشرعية: قال صالح بن الإمام أحمد: ربما اعتللت فيأخذ أبي قدحًا فيه ماء فيقرأ عليه، ويقول لي: اشرب منه، واغسل وجهك ويديك.
وقال ايضًا: ونقل عبد الله أنه رأى أباه يتعوذ في الماء، ويقرأ عليه ويشربه، ويصب على نفسه منه. اهـ.
وقال النووي في المجموع: قال القاضي حسين، والبغوي، وغيرهما: وإذا كتب قرآنًا على حلوى، وطعام، فلا بأس بأكله. اهـ.
وذكر ابن القيم أثراً عن أبي حاتم عن ليث بن أبي سليم قال: بلغني أن هؤلاء الآيات شفاء من السحر -بإذن الله- تقرأ في إناء فيه ماء، ثم يصب على رأس المسحور، والآيات هي قوله تعالى: فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ المُفْسِدِينَ {يونس:81} وقوله: فوَقَعَ الحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ {الأعراف:118} وقوله: إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى {طه:69}.
وقد سئل الشيخ ابن باز -رحمه الله تعالى- فقيل له: بعض المعالجين بالقرآن، يقرؤون قرآنًا وأدعية شرعية على ماء، أو زيت طيب لعلاج السحر، والعين، والمس الشيطاني، ويأخذون على ذلك أجًرا، فهل هذا جائز شرعًا؛ وهل القراءة على الزيت أو الماء تأخذ حكم قراءة المعالج على المريض نفسه؟
وجاء في جوابه: ... ولا حرج في القراءة في الماء والزيت في علاج المريض، والمسحور، والمجنون، ولكن القراءة على المريض بالنفث عليه أولى وأفضل وأكمل، وقد خرج أبو داود -رحمه الله- بإسناد حسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ لثابت بن قيس بن شماس في ماء، وصبه عليه.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا بأس بالرقى ما لم تكن شركًا. وهذا الحديث الصحيح يعم الرقية للمريض على نفسه، وفي الماء، والزيت، ونحوهما. اهـ.
والله أعلم.