الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن شؤم المعاصي إنما يكون على فاعلها، لقوله تعالى: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى { الأنعام: 164}.
وقوله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: ألا لا يجني جان إلا على نفسه، لا يجني والد على ولده، ولا مولود على والده. رواه ابن ماجه.
وأما ما قد يصيب الأولاد بشؤم معاصي آبائهم، فلا يكون بالضرورة عقوبة في حقهم، وإنما قد يكون اختبارا لهم، وانظر الفتوى رقم: 106877.
ويرى ابن الجوزي أن الأمور التي تحار فيها العقول إنما هي تكاليف شرعية على العقل، والعبد مكلف فيها بالإذعان والتسليم، قال ابن الجوزي: ثم من ظن أن التكاليف سهلة، فما عرفها، أترى يظن الظان أن التكاليف غسل الأعضاء برطل من الماء، أو الوقوف في محراب لأداء ركعتين؟ هيهات! هذا أسهل التكليف، وإن التكليف هو الذي عجزت عنه الجبال ومن جملته: أنني إذا رأيت القدر يجري بما لا يفهمه العقل، ألزمت العقل الإذعان للمقدر، فكان من أصعب التكليف وخصوصاً فيما لا يعلم العقل معناه، كإيلام الأطفال، وذبح الحيوان، مع الاعتقاد بأن المقدر لذلك والآمر به أرحم الراحمين، فهذا مما يتحير العقل فيه، فيكون تكليفه التسليم، وترك الاعتراض...!!. فكم بين تكليف البدن وتكليف العقل...؟.
وقال أيضا: وفي مثل هذه الأشياء تحير خلق، حتى خرجوا إلى الكفر والتكذيب، ولو فتشوا على سر هذه الأشياء، لعلموا أن تسليم هذه الأمور تكليف العقل ليذعن، وهذا أصل، إذا فهم حصل السلامة والتسليم، نسأل الله عز وجل أن يكشف لنا الغوامض التي حيرت من ضل، إنه قريب مجيب.
والله أعلم.