الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت قد جمعت الظهر مع العصر جمع تقديم أثناء سفرك , ثم قدمت إلى بلدك فى وقت صلاة العصر أو قبله , فلا يلزمك إعادتها , لأن ذمتك قد برئت منها , جاء فى المغنى لابن قدامة : وإن أتم الصلاتين في وقت الأولى، ثم زال العذر بعد فراغه منهما قبل دخول وقت الثانية، أجزأته، ولم تلزمه الثانية في وقتها؛ لأن الصلاة وقعت صحيحة مجزية عن ما في ذمته، وبرئت ذمته منها، فلم تشتغل الذمة بها بعد ذلك، ولأنه أدى فرضه حال العذر، فلم يبطل بزواله بعد ذلك، كالمتيمم إذا وجد الماء بعد فراغه من الصلاة. انتهى
والذى يفهم من كلام بعض أهل العلم أنه تندب لك إعادة العصر مادام وقتها باقيا , وهذه الإعادة مستحبة , جاء فى منح الجليل لمحمد عليش المالكي : (أو قدم) بفتحات مثقلا المسافر الذي زالت أو غربت الشمس عليه، وهو نازل ثانية الظهرين أو العشاءين مع أولاهما لنيته الارتحال والنزول بعد الغروب أو الفجر أو لم ينو شيئا (ولم يرتحل) في يومه أو ليله من منزله لمانع أو غيره أعاد الثانية بوقت. انتهى
وعلى هذا القول فإنه كان من الأفضل في حقك أن تكمل صلاة العصر , ولا تقطعها , لكن لا تلزمك كفارة، وعند الحنابلة يجب عليك القطع لأن العصر هنا تعتبر نافلة , والنافلة محرمة في أوقات النهي باستثناء بعض المسائل المحدودة .
جاء في الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين :
قوله: «ويحرم تطوع بغيرها» أي: بغير المتقدِّمات مِن إعادة الجَماعةِ، وركعتي الطَّواف، وكذلك تحيَّة المسجدِ لمَن دَخَلَ والإمامُ يخطبُ، وسُنَّة الظُّهر البعديَّة لمَن جمعَها مع العصرِ وسُنَّة الفجر قبلها. قوله: «حتى ما له سبب» أي: لا يجوزُ التطوُّع في هذه الأوقات حتى الذي له سببٌ. وذلك لعموم الأدلَّةِ؛ في أنَّه لا صلاةَ في هذه الأوقات، فعمُوم النَّهي مقدَّمٌ على عموم الأمر؛ لأنَّ الذي له سببٌ تعارَضَ مع أحاديثِ النَّهي حيث كان كلٌّ منهما عاماً مِن وجهٍ، خاصاً مِن وجهٍ. انتهى
والله أعلم.