الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فابن تيمية إمام من أئمة الإسلام، له اجتهاده واختياراته، التي لا تخرج عن نطاق الأدلة الشرعية المعتبرة، ومن عرف فقهه وطالع كتبه وجد فيه السعة والمرونة والعمل بالرخص الشرعية في محلها والتوسيع على الناس في ذلك، سواء في العبادات أو المعاملات أو الأنكحة، ففقهه قائم على الدليل والحجة، من القرآن والسنة، ومثل هذا لا يصح ولا يليق أن يوصف بالتشدد!!
قال أبو حفص البزار في (الأعلام العلية في مناقب ابن تيمية): ليس له مصنف ولا نص في مسألة ولا فتوى إلا وقد اختار فيه ما رجحه الدليل النقلي والعقلي على غيره، وتحرى قول الحق المحض، فبرهن عليه بالبراهين القاطعة الواضحة الظاهرة، بحيث إذا سمع ذلك ذو الفطرة السليمة يثلج قلبه بها ويجزم بأنها الحق المبين، وتراه في جميع مؤلفاته إذا صح الحديث عنده يأخذ به ويعمل بمقتضاه ويقدمه على قول كل قائل من عالم ومجتهد. وإذا نظر المنصف إليه بعين العدل يراه واقفا مع الكتاب والسنة لا يميله عنهما قول أحد كائنا من كان، ولا يراقب في الأخذ بعلومهما أحدا، ولا يخاف في ذلك أميرا ولا سلطانا ولا سوطا ولا سيفا، ولا يرجع عنهما لقول أحد، وهو متمسك بالعروة الوثقى واليد الطولى، وعامل بقوله تعالى: فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا... اهـ.
فإن كان اتباع الدليل والتمسك بالحق والصدع به والمناظرة عليه وأن لا يأخذه في ذلك لومة لائم .. إن كان ذلك هو التشدد، فلشيخ الإسلام ابن تيمية من ذلك الحظ الوافر، وأما التكلف والتنطع والشق على الناس وحمل الآصار والأغلال عليهم، وما يؤول إلى ذلك من المعاني فهو عنها بعيد، ومنها بريء، وراجع في ترجمة الإمام ابن تيمية وبيان فضله الفتوى رقم: 7022.
والله أعلم.