الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جعل الشرع للزوجة حقوقا على زوجها، وقد سبق ذكر هذه الحقوق في الفتوى رقم: 27662. فعلى الزوج أن يوصل إليها حقها، ولا يفرط في شيء من ذلك محاباة لأمه، فليعط أمه حقها، ويعط زوجته حقها. وينصح الزوج بتحري الحكمة في مثل هذا، بحيث يبر أمه ولا يظلم زوجته. وينبغي للزوجة أن تعين زوجها بالصبر، وأن تناصحه بالمعروف إن وجد ما يقتضي النصح.
وأن يحب الرجل أمه، أو يرى فيها مثلا أعلى بحسب ما يظهر له لا إشكال فيه في حد ذاته، ولا يمنع من هذا، ولكن لا يحابيها على حساب زوجته كما أسلفنا، فهذا الذي ينهى عنه.
وإذا تعينت عل الزوج الشهادة وجب عليه القيام بها ولو تجاه والديه، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ {النساء:135}، قال الإمام الشافعي في الأم: والذي أحفظ عن كل من سمعت منه من أهل العلم في هذه الآيات أنه في الشاهد وقد لزمته الشهادة، وأن فرضاً عليه أن يقوم بها على والديه وولده والقريب والبعيد وللبغيض القريب والبعيد، ولا يكتم عن أحد، ولا يحابي بها ولا يمنعها أحداً . اهـ.
فهذا فيما إذا تعينت، فإن لم تتعين لم تجب عليه.
وإن قال عن أحد ما لم يقله، أو نسب إليه ما لم يفعله، فهو زور وبهتان. قال تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا {الأحزاب:58}، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال « أتدرون ما الغيبة ». قالوا الله ورسوله أعلم. قال « ذكرك أخاك بما يكره ». قيل أفرأيت إن كان في أخي ما أقول قال « إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته ».
وننبه إلى أن من أهم مقاصد الشرع السكن النفسي للزوجين، فينبغي لكل منهما العمل على ذلك، لتسعد الأسرة، وينشأ الأبناء نشأة سوية. فإن غاب هذا المعنى ترتب على ذلك - في الغالب - آثار سيئة ومدمرة، وخاصة على الأولاد.
والله أعلم.