الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإثبات النسب بين الولد والرجل الذي وصفته بـ (والده) لا يمكن أن يكون بسبب النكاح، لاتفاق الفقهاء على أن أقل مدة الحمل ستة أشهر، قال البهوتي في كشاف القناع: (وَإِنْ أَتَتْ بِهِ) أَيْ بِوَلَدٍ (لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ تَزَوَّجَهَا وَعَاشَ) الْوَلَدُ لَمْ يَلْحَقْهُ نَسَبُهُ، لِأَنَّهَا مُدَّةٌ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَحْمِلَ وَتَلِدَ فِيهَا، فَعُلِمَ أَنَّهَا كَانَتْ حَامِلَةً قَبْلَ تَزَوُّجِهَا. اهـ
وينظر اتفاق الفقهاء على ذلك فيما نقله الشوكاني عنهم في الفتوى رقم: 110872.
لكن إن كانت في غير عصمة زوج آخر، فهل يثبت نسب الولد إلى هذا الرجل إذا استلحقه؟
الجواب: أن جماهير أهل العلم يرون أن ابن الزنا لا ينسب للزاني مهما ادعاه واستلحقه؛ لعموم قول النبيّ صلى الله عليه وسلم: وللعاهر الحجَر. متفق عليه، والعاهر الزاني، وهو ما رجحناه في غير ما فتوى، وينظر الخلاف والترجيح في الفتوى رقم: 12263، والفتوى رقم: 101965، والفتوى رقم: 6045.
وبناء على قول جماهير العلماء فلا يثبت النسب بين الولد والزوج المذكور، ومن ثم فلا نفقة، ولا توارث بينهما، وتكون نفقة هذا الولد على أمه، وورثته من جهتها؛ لقوله تعالى في نفقة الرضيع: وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ {البقرة:233}، فيدخل في ذلك نفقة الرضاعة، والحضانة، والسكن، لا يجب على الزوج المذكور شيء منها.
ثم إن عقد الزاني على من زنى بها لا يصح إلا بعد توبتهما؛ لقوله تعالى في نكاح الزانية: وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ {النور:3}، وهو مذهب الحنابلة خلافًا للجمهور.
ولا يصح أيضًا حتى تضع حملها، ولعموم قول النبيّ صلى الله عليه وسلم: لا توطأ حامل حتى تضع. رواه أبو داود، وصححه الحاكم، وهو مذهب المالكية، والحنابلة؛ خلافا للحنفية، والشافعية.
فهذا نكاح فاسد عند بعض العلماء، وصحيح عند البعض الآخر، فإن تم عقده تقليدًا لمن أجازه من العلماء، أو قضى بصحته قاض شرعي فلا ينقض، وإلا فينبغي فسخه وإعادة العقد صحيحًا.
والله أعلم.