الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالغضب لا يمنع نفوذ الطلاق ولا وقوع الكفر، ما دام صاحبه مدركاً لما يقول غير مغلوب على عقله، قال الرحيباني الحنبلي رحمه الله: "وَ يَقَعُ الطَّلَاقُ مِمَّنْ غَضِبَ وَلَمْ يَزُلْ عَقْلُهُ بِالْكُلِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ فِي حَالِ غَضَبِهِ بِمَا يَصْدُرُ مِنْهُ مِنْ كُفْرٍ وَقَتْلِ نَفْسٍ وَأَخْذِ مَالٍ بِغَيْرِ حَقٍّ وَطَلَاقٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ"
أما إذا بلغ الغضب حداً أفقد صاحبه الإدراك وغلب على عقله، فلا يقع طلاقه حينئذ ولا يكفر بكلام الكفر في هذه الحال، جاء في فتاوى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "ولكن ليعلم أن الكلمة قد تكون كفراً وردة، ولكن المتكلم بها قد لا يكفر بها، لوجود مانع يمنع من الحكم بكفره، فهذا الرجل الذي ذكر عن نفسه أنه سب الدين في حال غضب، نقول له: إن كان غضبك شديداً بحيث لا تدري ماذا تقول، ولا تدري حينئذ أأنت في سماء أم في أرض، وتكلمت بكلام لا تستحضره ولا تعرفه، فإن هذا الكلام لا حكم له، ولا يحكم عليك بالردة، لأنه كلام حصل عن غير إرادة وقصد، وكل كلام حصل عن غير إرادة وقصد فإن الله سبحانه وتعالى لا يؤاخذ به، يقول الله تعالى في الأيمان: وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ {المائدة:89}".
وعليه؛ فالحكم بوقوع الطلاق ووقوع زوجك في الكفر أو عدمه يتوقف على معرفة حاله عند التلفظ بهذه الأمور، كما أن الحكم على ما صدر منه مما أسميته كفرا بمقتضى الكفر وما يترتب عليه أمر يحتاج إلى التحقق منه والتثبت في شأنه، وبخصوص الطلاق لو صدر ممن يقع منه الطلاق ففي حكمه خلاف إن كان معلقاً على شرط بغرض التهديد أو التأكيد. فالذي ننصح به عرض المسألة على من تمكنكم مشافهته من أهل العلم الموثوق بعلمهم في بلدكم، وينبغي نصح هذا الزوج بالحذر من الغضب الشديد، والحرص على معالجة الخلافات بالحكمة والوسائل المشروعة.
والله أعلم.