الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا حلف شخصان على أمر ما ثم حنث أحد الحالفين وجبت عليه كفارة اليمين، كما قال ابن قدامة في المغني: فإن قال: والله ليفعلن فلان كذا، أو لا يفعل، أو حلف على حاضر، فقال: والله لتفعلن كذا فأحنثه، ولم يفعل، فالكفارة على الحالف، كذا قال ابن عمر، وأهل المدينة وعطاء، وقتادة والأوزاعي وأهل العراق والشافعي، لأن الحالف هو الحانث، فكانت الكفارة عليه. اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: الإقسام بالله على الغير أن يحلف المقسم على غيره ليفعلن كذا، فإن حنثه ولم يبر قسمه فالكفارة على الحالف لا على المحلوف عليه عند عامة الفقهاء... اهـ.
وقال في الإنصاف: لو قال: بالله لتفعلن كذا فيمين على الصحيح من المذهب، والكفارة على الحالف على الصحيح من المذهب، وحكي عنه أنها تجب على الذي حنثه، حكاه سليم الشافعي. انتهى باختصار.
وفي الإقناع ممزوجا بشرحه كشاف القناع: وإن قال والله ليفعلن فلان كذا، أو والله لا يفعلن فلان كذا، فلم يطعه، أو حلف على حاضر فقال والله لتفعلن يا فلان كذا، أو لا تفعلن كذا فلم يطعه، حنث الحالف، لعدم وجود المحلوف عليه، والكفارة عليه ـ أي الحالف ـ في قول ابن عمر والأكثر، ولا تجب الكفارة على من أحنثه، لظاهر قوله تعالى: ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان. انتهى.
ومن أهل العلم من فصل بين أن يكون الحالف يظن أن المحلوف عليه سيطيعه، وبين من لا يظن ذلك، فيحنث في الثاني دون الأول، جاء في الموسوعة الفقهية:... وقد فصل شيخ الإسلام ابن تيمية بين الحلف على من يظن أنه يطيعه، والحلف على من لا يظنه كذلك، فقال: من حلف على غيره يظن أنه يطيعه فلم يفعل، فلا كفارة، لأنه لغو، بخلاف من حلف على غيره في غير هذه الحالة، فإنه إذا لم يطعه حنث الحالف ووجبت الكفارة عليه.
والله أعلم.