الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يأت الشرع بتأقيت معين للفترة ما بين العقد والبناء (الدخلة)، وبالتالي فالمرجع في تحديده إلى العرف وما توافق عليه الزوجان، قال الرحيباني ـ متحدثا عن تأخر البناء عن العقد ـ : (ومن استمهل منهما) أي الزوجين الآخر (لزمه إمهاله ما) أي: مدة (جرت عادة بإصلاح أمره) أي: المستمهل فيها (كاليومين والثلاثة) طلبا لليسر والسهولة، والمرجع في ذلك إلى العرف بين الناس؛ لأنه لا تقدير فيه، فوجب الرجوع فيه إلى العادات. انتهى من المطالب على الغاية.
والعادة جارية على التأجيل إذا توافق عليه الزوجان، طالت المدة أم قصرت؛ لأن البناء حق مشترك لهما لا يعدوهما، فإذا توافقا على تأخير البناء إلى حين انتهاء الزوجة من الدارسة مراعاة للحمل جاز ذلك، لأن المعاشرة والإنجاب حق مشترك بين الزوجين، فلا يجوز تأجيله إلا بتوافق الطرفين، لكن لا بد أن يلاحظ أن مقاصد الشرع الأصلية في النكاح من الإعفاف والنسل لا تحصل بمجرد العقد حتى يتم البناء، وبالتالي إذا خشي أحد الزوجين أو كلاهما من الوقوع في الحرام كالزنا والاستمناء بسبب ذلك التأجيل، وجب تعجيل البناء منعا من الوقوع في الحرام.
والله أعلم.