الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن مجرد المخالطة لهؤلاء في العمل، ومؤاكلتهم لا تحرم في الأصل؛ فقد ثبت في الحديث: أن يهودياً دعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى خبز شعير، وإهالة سنخة، فأجابه. رواه أحمد، وقال الأرناؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم.
ولكن يشترط لجواز المخالطة، والحضور لمجالسهم أن لا يكون هناك منكر، أو دعوة لبدع، أو كان، ولكن يمكن للشخص إنكاره، وتغييره، والرد على قائله، أو فاعله، وإلا فيجب اعتزالهم، وتحرم مصادقة أهل السوء على من يخشي التأثر بهم. وقد حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من جليس السوء بقوله: مثل الجليس الصالح، ومثل الجليس السوء كحامل المسك، ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تشتم منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه رائحة خبيثة. رواه البخاري ومسلم.
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل، ومن يصاحب.
وانظري الفتوى رقم: 9163، والفتوى رقم: 20995.
وأما عن إخبار الخطيبة: فهو جائز إن استشارتك، أو كنت أنت التي أشرت عليها بالزواج منه؛ لأن علمها، وعلم أهلها بالحال يجعلهم يتحرون في أمره: هل هو متأثر بأهل البدع، وفسوقهم، فيمنع تزويجه عند كثير من أهل العلم لفسقه، وللحذر من أن يجرها للبدعة.
فقد جاء في البهجة في شرح التحفة للتسولي: ففي نهاية المتيطي عنه ما نصه: يؤمر الأب في تزويج ابنته بأربع: أن يكون الزوج كفؤا في دينه، وماله، وحسبه، سالما من العيوب التي يجتنبها النساء، فإن كان كسبه حراما، أو كثير الأيمان بالطلاق، أو ممن يشرب الخمر لم يكن له أن يزوجها منه، فإن فعل فرق الحاكم بينهما؛ لأن الأب وكيل لابنته، وإذا فعل الوكيل ما ليس بنظر رد فعله. اهـ.
وفي منح الجليل: واستظهر ابن رحال منع تزويجها من الفاسق ابتداء ـ وإن كان مأمونا ـ وأنه ليس لها، ولا للولي الرضا به، وهو ظاهر لامتناع مخالطة الفاسق، ووجوب هجره شرعا، فكيف بخلطة النكاح!. انتهى.
والله أعلم.