الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن الوقوع في المعصية مرة ما، لا يذهب ثواب الصبر السابق عليها بالكلية، وإنما يذهب الثواب في هذه المرة بعينها؛ وذلك لأن الشهوة من شأنها التجدد، والتوقد من حين لآخر، وتجددها بمنزلة الفتن المتكررة والمتعددة، ولعل مما يشهد لذلك قوله صلى الله عليه وسلم: تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا، عودا، فأي قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها، نكت فيه نكتة بيضاء، حتى تصير على قلبين: على أبيض مثل الصفا، فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض، والآخر أسود مربادا، كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا، ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من هواه. رواه مسلم.
جاء في شرح النووي: وَمَعْنَى ( عُودًا، عُودًا ) أَيْ تُعَاد، وَتُكَرَّر شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ... وَقَالَ الْأُسْتَاذ أَبُو عَبْد اللَّه بْن سُلَيْمَان: مَعْنَاهُ تَظْهَر عَلَى الْقُلُوب، أَيْ تَظْهَر لَهَا فِتْنَة بَعْد أُخْرَى. اهـ.
وعلى ذلك، فتجدد الشهوة يتطلب تجدد الصبر عليها، ومن ثم يقع التفاوت في الصبر، بحسب وجوده، أو عدمه كلما تجددت، فيثاب المرء بقدر ما يصبر، ويذهب من ثوابه بقدر ما يستسلم للفتنة.
فاستعن بالله، وجاهد نفسك بالصبر، والمثابرة، وأعرض عن وساوس الشيطان حتى لا تعينه على نفسك فيتمكن منها.
وننصحك بمراجعة الأطباء المختصين بشأن وسائل تخفيف الشهوة، كما يمكنك الاستفادة من قسم الاستشارات بموقعنا.
وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 23231، 100870 ، 58047
والله أعلم.