الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الحكم على الشخص المعين لا يمكن إلا بعد التحقق من اتصافه بالشروط التي تحصل بها الردة، ولا شك أن هذه المقولة باطلة؛ فإن المسيحية ديانة صحيحة في الأصل، أنزلها الله تعالى على عيسى عليه السلام، وقد نسخت تشريعاتها بالشريعة الإسلامية التي أنزلت على محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يعد يقبل من الناس الآن إلا الإسلام؛ لقول الله تعالى: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ {آل عمران:85}.
ومن الفروق الدالة على بطلان القول بأنه لا فرق بينهما: أن المعرض عن الإسلام، يعتبر مكذبا لبعض الرسل، ومستحقا للوعيد الذي توعد الله به الكفار، وأما أهل الإسلام فهم يؤمنون بجميع الأنبياء والرسل، ويحكمون بكفر من جحد ولو نبوة نبي واحد، فهم يؤمنون بأن عيسى عبد الله ورسوله كغيره من الأنبياء: نوح، وإبراهيم، وموسى، وخاتمهم محمد صلوات الله وسلامه عليهم جميعا؛ قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا * أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا * وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا{النساء:152،151،150}. وقال سبحانه: آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ {البقرة : 285}.
وأما النصارى فيجحدون نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، إضافة لشركهم بالله، وما عندهم من التثليث، وادعاء الولد له، كما سبق بيانه بالفتويين: 8210 - 30506.
والله أعلم.