الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فليس المراد من حبوط عمل من ترك صلاة العصر، أنه تلزمه إعادته، بل المراد ذهاب ثوابه، وفوات أجره، وأن ذنبه هذا لو وزن بطاعاته التي عملها لأحبطها، إلا أن يتوب.
قال المناوي رحمه الله: (من ترك صلاة العصر حبط عمله) أي بطل ثوابه، وليس ذلك من إحباط ما سبق من عمله؛ فإنه في حق من مات مرتدا، بل يحمل الحبوط على نقصان عمله في يومه ذلك، وحمله الدميري على المستحل، أو من تعود الترك، أو على حبوط الأجر. انتهى.
وقال القاري: فقد حبط (عَمَلُهُ): أَيْ بَطُلَ كَمَالُ عَمَلِ يَوْمِهِ ذَلِكَ؛ إِذْ لَمْ يُثَبْ ثَوَابًا مُوَفَّرًا بِتَرْكِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى، فَتَعْبِيرُهُ بِالْحُبُوطِ وَهُوَ الْبُطْلَانُ، لِلتَّهْدِيدِ. قَالَهُ ابْنُ الْمَلَكِ. يَعْنِي: لَيْسَ ذَلِكَ مِنْ إِبْطَالِ مَا سَبَقَ مِنْ عَمَلِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ فِي حَقِّ مَنْ مَاتَ مُرْتَدًّا لِقَوْلِهِ: " {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} [البقرة: 217] " بَلْ يُحْمَلُ الْحُبُوطُ عَلَى نُقْصَانِ عَمَلِهِ فِي يَوْمِهِ، لَا سِيَّمَا فِي الْوَقْتِ الَّذِي تَقَرَّرَ أَنْ يُرْفَعَ أَعْمَالُ الْعِبَادِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِيهِ. انتهى.
وإذا تقرر هذا، علمت أن غسل الجنابة الذي وقع صحيحا، لا حاجة لإعادته وإن ترك الشخص صلاة العصر، لكن عليه أن يتوب من هذه الكبيرة العظيمة، الموجبة لحبوط العمل عياذا بالله.
والله أعلم.