الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالمسلم يأخذ بالأسباب، ويحسن ظنه بالله، ويوقن أن قضاء الله كله خير، وأن الله لا يقدر له إلا ما هو الحكمة، والمصلحة، وقد نهى الله تعالى عن قتل الأولاد خشية الفقر، مبينا أنه سبحانه هو الذي يرزق الأطفال، والآباء، ومن ثم فلا ينبغي لأحد أن يترك الإنجاب خشية الفقر؛ فإن الله هو الرزاق ذو القوة المتين، قال تعالى: وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ {الإسراء:31}. بل الأولاد من أعظم أسباب الرزق، كما في الحديث: إنما تنصرون وترزقون بضعفائكم. رواه أحمد والنسائي.
وليس ترك الإنجاب خوف الفقر، وضيق الرزق كفرا، ولكنه أمر لا ينبغي بالمسلم الكامل الإيمان، الحسن الظن بربه تبارك وتعالى.
وإحسان الظن بالله، يقتضي أن يفوض العبد أمره لربه سبحانه، ويثق بحسن تدبيره له، واختياره، فإن كان ما تمناه ورجاه من سعة الرزق ونحوه فبها، وإلا فهو يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، ويعلم أن لربه حكمة فيما يقدره ويقضيه، ويرضى بجميع أقضية الرب سبحانه، عالما أن عقله القاصر يعجز عن إدراك الأسرار، والحكمة التي لأجلها يقدر الله تعالى ما يقدره، فهو يحسن الظن بربه أولا، ثم يرضى بما يقدره، ويقضيه عالما أنه الحكمة والمصلحة آخرا، ويكثر مع ذلك من التوبة، والاستغفار مستحضرا أن ما يصيبه من البلاء إنما هو بسبب ذنبه، ومخالفته، كما قال تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ {الشورى:30}،. فهو يلقي باللائمة على نفسه، وينزه ربه سبحانه عن كل ما لا يليق.
والله أعلم.