الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإنه يلزم من علم من نفسه أنه يضر بعينه، أن يتحفظ من إيذاء الناس، ويغض بصره عنهم، ويقلل من الخلطة، ويحرص على المباركة، وقول: ما شاء الله، لا قوة إلا بالله. كلما رأى ما يعجبه.
قال الإمام ابن القيم في زاد المعاد: وإذا كان العائن يخشى ضرر عينه، وإصابتها للمعين، فليدفع شرها بقوله: اللهم بارك عليه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعامر بن ربيعة لما عان سهل بن حنيف: "ألا بركت عليه" أي: قلت: اللهم بارك عليه. ومما يدفع به إصابة العين قول: ما شاء الله، لا قوة إلا بالله. روى هشام بن عروة، عن أبيه أنه كان إذا رأى شيئاً يعجبه، أو دخل حائطاً من حيطانه قال: ما شاء الله، لا قوة إلا بالله. انتهى.
وقال النووي في شرح صحيح مسلم: قال القاضي: في هذا الحديث من الفقه ما قاله بعض العلماء: أنه ينبغي إذا عرف أحد بالإصابة بالعين، أن يجتنب، ويتحرز منه، وينبغي للإمام منعه من مداخلة الناس، ويأمره بلزوم بيته، فإن كان فقيراً رزقه ما يكفيه، ويكف أذاه عن الناس، فضرره أشد من ضرر آكل الثوم والبصل الذي منعه النبي صلى الله عليه وسلم دخول المسجد؛ لئلا يؤذي المسلمين، ومن ضرر المجذوم الذي منعه عمر- رضي الله عنه- والعلماء بعده الاختلاط بالناس، ومن ضرر المؤذيات من المواشي التي يؤمر بتغريبها بحيث لا يتأذى بها أحد. وهذا الذي قاله هذا القائل صحيح، متعين، ولا يعرف عن غيره تصريح بخلافه. والله أعلم. انتهى.
وأما هذه السيدة المذكورة، فيمكنك التواصل معها، والحديث معها عن العين، وأنها قد تكون مصابة بها، وأنه لا حرج في الرقية الشرعية حتى ولو لم تكن مصابة، وتدارسي معها بعض وسائل العلاج، وبيني لها أن العين تدفع بالتعويذات الشرعية التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقد روى مسلم في صحيحه أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا محمد اشتكيت؟ فقال: "نعم" قال: باسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس، أو عين حاسد، الله يشفيك، باسم الله أرقيك.
واذكري لها أنه يمكن أن تقرأ الرقية في ماء، ويشرب منه المصاب بالعين، ويغتسل، واقرئي أنت، وهي ما تيسر من الرقية الشرعية كقراءة الفاتحة، وآية الكرسي، وخاتمة سورة البقرة من قوله سبحانه: آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ {البقرة:285}. إلى آخر السورة. وقوله تعالى: وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ { القلم:51-52 } والإخلاص، والمعوذتين، وبعض الأدعية النبوية كقوله صلى الله عليه وسلم: أعيذك بكلمات الله التامة من كل شيطان، وهامة، ومن كل عين لامة. بسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس، وعين حاسد، الله يشفيك. إلى غير ذلك من الأذكار والأدعية.
وحاولي أن تغسلي بعض أطرافك في إناء، وخذي قارورة ماء واملئيها من ذلك الماء، وأغلقيها، ثم اقرئي أنت وإياها الرقية، ثم انفثا في تلك القارورة، ومريها بالاغتسال منها، فلعها يذهب ما بها بإذن الله تعالى.
والله أعلم.