الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الكلمة من كلمات شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ الرائقة، ومعناها أن من تربى على الصدق والطاعة لله ولرسوله وغيرها من الفضائل، فإن أثرها يظهر عند المحن، فلا يقدم على طاعة الله ورسوله أحدا، ويظهر أثر صدقه وغيره من الفضائل، وكذلك من تربى على الكذب والتعصب لشيخ أو طائفة أو غير ذلك من الرذائل، فإنها ستظهر عند المحن، ولعل سياق كلام شيخ الإسلام يوضح مراده من هذه الكلمة، حيث قال ـ رحمه الله ـ في مجموع الفتاوى: فَالْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ أَنْ يُحِبَّ مَا أَحَبَّ اللَّهُ وَرَسُولُهُ: وَأَنْ يُبْغِضَ مَا أَبْغَضَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِمَّا دَلَّ عَلَيْهِ فِي كِتَابِهِ، فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدِ أَنْ يَجْعَلَ الْأَصْلَ فِي الدِّينِ لِشَخْصِ، إلَّا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا يَقُولَ إلَّا لِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَمَنْ نَصَّبَ شَخْصًا كَائِنًا مَنْ كَانَ فَوَالَى وَعَادَى عَلَى مُوَافَقَتِهِ فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ فَهُوَ: مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا ـ الْآيَةَ، وَإِذَا تَفَقَّهَ الرَّجُلُ وَتَأَدَّبَ بِطَرِيقَةِ قَوْمٍ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ مِثْلَ: اتِّبَاعِ: الْأَئِمَّةِ وَالْمَشَايِخِ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ قُدْوَتَهُ وَأَصْحَابَهُ هُمْ الْعِيَارُ، فَيُوَالِي مَنْ وَافَقَهُمْ وَيُعَادِي مَنْ خَالَفَهُمْ، فَيَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُعَوِّدَ نَفْسَهُ التَّفَقُّهَ الْبَاطِنَ فِي قَلْبِهِ وَالْعَمَلَ بِهِ، فَهَذَا زَاجِرٌ وَكَمَائِنُ الْقُلُوبِ تَظْهَرُ عِنْدَ الْمِحَنِ. انتهى.
والله أعلم.