الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا كان السائق مسلما، صاحب حاجة، فلا مانع من إعطائه من الكفارة، فإذا كانت هذه كفارة يمين، فيجزئك أن تدفعي للسائق الفقير نصيب مسكين واحد، وهو مد من طعام، أي حوالي 750جراما تقريبا من غالب طعام أهل بلدك، ثم ادفعي بقية الكفارة لتسعة مساكين آخرين، ولا يجزئك -عند أكثر العلماءـ أن تدفعي للسائق المذكور جميع الكفارة مع وجود غيره من المساكين.
قال ابن قدامة في المغني: وجملته أن المكفر لا يخلو من أن يجد المساكين بكمال عددهم، أولا يجدهم، فإن وجدهم، لم يجزئه إطعام أقل من عشرة في كفارة اليمين، ولا أقل من ستين في كفارة الظهار، وكفارة الجماع في رمضان. وبهذا قال الشافعي، وأبو ثور. وأجاز الأوزاعي دفعها إلى واحد. وقال أبو عبيد: إن خص بها أهل بيت شديدي الحاجة، جاز، بدليل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال للمجامع في رمضان، حين أخبره بشدة حاجته وحاجة أهله: (أطعمه عيالك) ولأنه دفع حق الله تعالى إلى من هو من أهل الاستحقاق، فأجزأه، كما لو دفع زكاته إلى واحد.
وقال أصحاب الرأي: يجوز أن يرددها على مسكين واحد في عشرة أيام، إن كانت كفارة يمين، أو في ستين إن كان الواجب إطعام ستين مسكينا، ولا يجوز دفعها إليه في يوم واحد. وحكاه أبو الخطاب رواية عن أحمد؛ لأنه في كل يوم قد أطعم مسكينا ما يجب للمسكين، فأجزأ، كما لو أعطى غيره، ولأنه لو أطعم هذا المسكين من كفارة أخرى، أجزأه، فكذلك إذا أطعمه من هذه الكفارة. ولنا، قول الله تعالى: {فكفارته إطعام عشرة مساكين} [المائدة: 89]. ومن أطعم واحدا، فما أطعم عشرة، فما امتثل الأمر، فلا يجزئه، ولأن الله تعالى جعل كفارته إطعام عشرة مساكين، فإذا لم يطعم عشرة، فما أتى بالكفارة؛ ولأن من لم يجز الدفع إليه في اليوم الأول، لم يجز في اليوم الثاني. انتهى.
وراجعي المزيد في الفتوى رقم: 242041، والفتوى رقم: 102924
والله أعلم.