الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
بداية نسأل الله تعالى لك الهداية والتوفيق والسداد، وأن يشرح صدرك وينير دربك، وأن يجزيك خير الجزاء على برك بوالديك وحرصك على التفقه في دينك، وبالنسبة لما تحسينه من ضيق صدرك وعدم انشراح نفسك للدعاء مع ضعف ثقتك بالله عز وجل.. فلا نشك أنه من كيد الشيطان ليصرفك عن طاعة ربك وحلاوة مناجاته والتقرب إليه والثقة به سبحانه وتعالى، لذا ننصحك ـ إن كان الأمر كذلك ـ بالإعراض التام عنه، وراجعي بشأن سبل التخلص منه الفتوى رقم: 51601.
وقد يكون تسلط الشيطان عليك ناتج عن ذنب نسيته، فالعبد قد يذنب الذنب فينساه، كما قال الله تعالى: يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ {المجادلة:6}.
فالذنوب والمعاصي لها آثار كثيرة على العبد، منها: وقوع الوحشة بينه وربه، يقول ابن القيم رحمه الله: ومن عقوباتها أنها توقع الوحشة العظيمة في القلب فيجد المذنب نفسه مستوحشا، قد وقعت الوحشة بينه وبين ربه، وبين الخلق وبين نفسه، وكلما كثرت الذنوب اشتدت الوحشة، وأمر العيش عيش المستوحشين الخائفين، وأطيب العيش عيش المستأنسين. اهـ.
فالواجب عليك الآن تجديد التوبة إلى الله تعالى من كل الذنوب، مع الإكثار من الاستغفار والذكر وقراءة القرآن، فذلك سبب هام لانشراح القلب وطمأنينة النفس، قال تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد:28}.
ولا يشترط لصحة التوبة تذكر الذنب، كما نوصيك بطلب الدعاء من الوالدين اللذين ذكرت أنك بارة بهما، فدعوة الوالدين لولدهما من الدعوات المستجابات، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث دعوات يستجاب لهن، لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد لولده. رواه ابن ماجه وغيره، وصححه الشيخ الألباني.
وراجعي بشأن الأسباب التي تقوي الثقة بالله والتوكل عليه فتوانا رقم: 178009.
ونوصيك للاستزادة في ذلك بالرجوع إلى منزلة التوكل، ومنزلة الثقة بالله، من كتاب مدارج السالكين لابن القيم رحمه الله.
والله أعلم.