الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولا أنه إذا أوقع الله في قلب امرئ حب فتاة، كان الواجب عليه أن يعف نفسه، ويجتنب الوقوع معها فيما حرم الله تعالى من المحادثة على وجوه محرمة كالمحادثة لغير حاجة، أو تبادل عبارات الغزل، ونحو ذلك مما قد يجري بين السفهاء، فإن التزم بهذه الضوابط، فهو مأجور على ذلك إن شاء الله.
والزواج من أفضل ما يرشد إليه المتحابان، كما جاءت بذلك السنة الصحيحة، ففي الحديث الذي رواه ابن ماجة عن ابن عباس-رضي الله عنهما-قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم ير للمتحابين مثل النكاح. وتركك الزواج منها برا بأمك تؤجر عليه-إن شاء الله-وقد أساءت قريبتك هذه حين نقلت إليك خبر حب هذه الفتاة لك، ورغبتها في الزواج منك، وقد أصبحت في عصمة رجل آخر. فالواجب عليك صرف النظر تماما في التفكير فيها، فإنها محرمة عليك؛ قال تعالى مبينا المحرمات من النساء: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ {النساء:24}، أي: المتزوجات.
والتحدث مع زوجها، وإخباره بحبك لها، أو حبها لك، نوع من السعي في الإفساد بينهما، وقد جاء الشرع بالنهي عن مثل ذلك، ففي الحديث الذي رواه أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس منا من خبب امرأة على زوجها...الحديث. وهو وإن كان نصاً في إفساد المرأة على زوجها، ولكن في معناه كذلك إفساد الزوج على امرأته، كما أشار إلى ذلك صاحب عون المعبود بشرح سنن أبي داود.
ثم إن مثل هذا التفريق من عمل الشياطين، ففي صحيح مسلم عن جابر-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا. فيقول: ما صنعت شيئا. قال: ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته-قال-فيدنيه منه، ويقول: نعم، أنت». وهو مبوب عليه في صحيح مسلم: باب تحريش الشيطان وبعثه سراياه لفتنة الناس..
فنصيحتنا لك أن تصرف النظر عن هذه الفتاة تماما، وأن تسأل الله تعالى أن ييسر لك زوجة خيرا منها، فإنك لا تدري أين الخير، ففوض أمرك إلى الله، فهو القائل سبحانه: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:216}.
والله أعلم.