الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالراجح عدم التفريق بين المحصن وغير المحصن في وجوب القتل، وقد سبق لنا ذكر الخلاف في ذلك والترجيح. فراجع الفتوى رقم: 1869.
وكذلك ثبوت اللواط كثبوت الزنا عند جمهور أهل العلم، فلا يثبت إلا بإقرار لا يرجع عنه صاحبه، أو بشهادة أربعة عدول، يصرحون بأنهم شاهدوا دخول فرج أحد الرجلين في دبر الآخر، كدخول المرود في المكحلة، ولا يشك أحد منهم في ذلك، ولا يرجع عما شهد به، فإن لم يكن أحد الشهود عدلا، أو لم تكن الرؤية التي أخبر عنها دقيقة، أو رجع عن شهادته، فإنهم يحدون حد القذف، وعلى أية حال فإقامة حد اللواط إنما هو من اختصاص السلطان أو نائبه، ولا يجوز لآحاد الناس قتل من فعل ذلك، ومن قتله من غير أن يثبت عليه كان مستحقا للقتل قصاصا، وأما لو قتله بعد ثبوت البينة الشرعية على النحو المشار إليه سابقا، فلا قصاص عليه، ولكنه أخطأ في افتياته على السلطان، ويستحق التعزير إن رأى السلطان في ذلك مصلحة، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 57782، 48669، 42914.
وراجع في بيان خصال العدالة في الشهود الفتوى رقم: 159171.
وأما كيفية القتل في عقوبة اللواط: فمما اختلف فيه أهل العلم، فإن قتله الحاكم رميا بالرصاص، فلا نرى في ذلك بأسا، وإن كان الجمهور على قتله رجما بالحجارة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: اتفق الصحابة على قتل الفاعل والمفعول به جميعًا، لكن تنوعوا في صفة القتل، فبعضهم قال: يرجم، وبعضهم قال: يرمى من أعلى جدار في القرية ويتبع بالحجارة وبعضهم قال: يحرق، ولهذا كان مذهب جمهور السلف والفقهاء أنهما يرجمان بكرين كانا أو ثيبين. اهـ.
وقال الشوكاني في السيل الجرار: قد قتل اللوطي في زمن الخلفاء الراشدين وأجمعوا على ذلك، ولا يضر اختلاف صفة القتل، وذهب إلى ذلك جماعة من العلماء. اهـ.
وأخيرا ننبه على أن اللواط الموجب للحد هو تغييب الحشفة في دبر الذكر، وأما ما دون ذلك من مقدمات اللواط فعلى ما فيها من القبح والفحش والإثم، فإنها لا توجب الحد، وإنما التعزير بما يراه أولوا الأمر رادعا عن مثل هذه الشنائع وراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 22549، 28167، 32575.
والله أعلم.