الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا ريب في أن الشرع قد جاء بحرمة خطبة الرجل على خطبة أخيه، وذلك فيما إذا تم الاتفاق على الخطبة، وركن كل من الزوجين إلى الآخر، وتقاربا. ولم يستثن الفقهاء من حرمة الخطبة إلا حالات معينة، أوضحناها في الفتوى رقم: 196461، فراجعها.
وبما أن الخطبة في حالة هذه الفتاة قد تمت، فلا يجوز لك إخبارها برغبتك في خطبتها لا تصريحا ولا تلميحا.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: كما اتفق الفقهاء على حرمة التعريض لمخطوبة من صرح بإجابته، وعلمت خطبته، ولم يأذن الخاطب، ولم يُعرض عنها؛ لخبر: لا يخطب الرجل على خطبة أخيه، حتى يترك الخاطب قبله، أو يأذن له الخاطب "...اهـ.
فلا سبيل لك إليها ما دامت مخطوبة، فاصرف النظر عنها، وإن كانت فعلا في حاجة إلى من يقف بجانبها، ويعينها في أمرها، فيمكنك أن تسلط عليها أختك هذه، أو غيرها من النساء الثقات.
ومحادثة الرجل امرأة أجنبية عنه، ذريعة إلى الفساد، ولذلك فهي مشروطة بالحاجة، فلا يجوز تعدي قدرها، فالحاجة تقدر بقدرها، فالواجب عليك اتخاذ الحيطة، والحذر؛ لئلا يترتب عليها ما لا تحمد عقباه، فالشيطان قد يقود المرء إلى المعصية شيئا فشيئا؛ ولذا قال الله سبحانه: وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ {البقرة:168}. ثم إن مثل هذه المحادثات عبر الإنترنت ونحوه، قد لا تخلو من الحيلة والخديعة، فتخبر الفتاة بما تستدر به عطف الرجل، ثم يتبين فيما بعد أن الأمر مختلف جدا. ومن هنا فإننا نحذر من الخطبة التي تتم لمجرد التعارف عبر هذه الوسائل، وأنه ينبغي التحري دائما، وسؤال الثقات ممن يعرفون الفتاة قبل الإقدام على الزواج منها.
وننبه إلى أن الهدية جائزة بين الناس، إذا خلت من الأغراض الفاسدة، والمقاصد الخبيثة، كالهدية لإنشاء، أو ترسيخ علاقة محرمة، كالتهادي بين أجنبيين لأجل علاقة محرمة، فيستميل به قلبها، أو تستميل بها قلبه، فمثل هذه الهدية لا تحل؛ لأن الله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ {النساء:29}.
والله أعلم.