الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا أنه يجب على كل من الزوجين، الوفاء بالشروط التي يتم الاتفاق عليها عند العقد، مما لا يخالف مقتضى عقد النكاح؛ فراجع الفتوى رقم: 1357.
فاشتراطك على زوجتك الإقامة في بيت أمك من هذا القبيل، فيجب عليها الوفاء به، إلا أن يكون هنالك ضرر يمنعها من ذلك، كما هو مبين في الفتوى رقم: 28860. ولا يشترط كتابة هذه الشروط، وتوثيقها حتى يلزم الوفاء بها، وينبغي التوثيق؛ فإنه أحوط، وأدفع للنزاع.
فإذا امتنعت زوجتك عن الوفاء لغير مسوغ شرعي فهي ناشز، هذا بالإضافة إلى أن خروج المرأة من بيت زوجها بغير إذن منه نشوز أيضا، كما أوضحناه في الفتوى رقم: 7996. وعلاج النشوز بينه العليم الحكيم في كتابه، وهو في خطوات موضحة في الفتوى رقم: 17322. والناشز تسقط عنها نفقتها حتى ترجع عن نشوزها، وأما نفقة الصغيرين، فتظل باقية؛ وانظر الفتوى رقم: 76251.
ولا ننصحك بالتعجل لطلاقها، خاصة وأن الله تعالى قد رزقك منها الولد، ولكن ينبغي أن توسط العقلاء من أهلك وأهلها ليسعوا في الإصلاح، فالصلح خير، كما أخبر رب العزة والجلال في كتابه.
وإذا تطلب الأمر رفع القضية إلى المحكمة الشرعية، فافعل، فحكم القاضي ملزم، وأقطع للنزاع، وأدعى لإعطاء كل ذي حق حقه، ودفع الظلم عن المظلوم. ولا تلجأ إلى الطلاق إلا إذا ترجحت مصلحته.
وننبه في الختام إلى بعض الأمور:
الأمر الأول: أنه لا يجوز للمرأة التصرف في مال زوجها بغير إذنه، ففي مسند أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. وأجرة الولادة هنالك خلاف بين الفقهاء في أمر وجوبها على الزوج، وعلى القول بوجوبها عليه، فلا يعني ذلك أن تتصرف المرأة في مال زوجها بهذه الصورة، أي بلا ضابط، ولا رابط.
الأمر الثاني: ينبغي لأهل الزوجة إذا تدخلوا بين ابنتهم وزوجها، أن يكون التدخل على سبيل الإصلاح، لا من أجل وضع العراقيل التي قد تكون سببا في تعقيد المشكلة، وتفاقمها، فتكون ابنتهم وأولادها أول المتضررين من ذلك.
الأمر الثالث: أنه يجب عل الزوجة أن تقيم حيث يقيم زوجها، وكون مكان عملها قريبا من بيت أهلها، لا يسوغ لها ترك بيت الزوجية للإقامة مع أهلها بغير إذن زوجها، أو أمر معتبر شرعا يسوغ لها ذلك كالاشتراط عند العقد. وراجع الفتوى رقم: 112100.
والله أعلم.