الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فلا يوجد تناقض ولا تعارض، ولم يتسرع العلماء في الحكم، وإنما تسرعت أنت حيث لم تقف على الروايات المرفوعة للحديث، ولم تميزها عن الروايات التي جاءت موقوفة وليست مرفوعة، وخلطت بينها ثم أوجدت هذا التناقض المزعوم. وبيان ذلك أن اللفظ الأول الذي ذكرته ورواه ابن عبد البر: إما أن يستجاب له، وإما أن يدخر له... سند هذا اللفظ كما رواه ابن عبد البر لفظه موقوف على زيد بن أسلم، وهو تابعي، فليس هذا اللفظ مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم حتى يقال تعارض وإشكال وتسرع... إلخ، والألفاظ المرفوعة الصحيحة جاء بعضها بلفظ: إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ ـ كما في رواية الإمام أحمد والطبراني وأبو يعلى، وعند البخاري في الأدب المفرد: إلا أعطاه إحدى ثلاث ـ وكلها لم يذكر فيها لفظة الاستجابة رأسا على نحو ما ذكرت، لكن جاء في بعض المرفوع بلفظ: إِلَّا اسْتُجِيبَ لَهُ، فَإِمَّا أَنْ يُعَجَّلَ لَهُ فِي الدُّنْيَا، وَإِمَّا أَنْ يُدَّخَرَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يُكَفَّرَ عَنْهُ مِنْ ذُنُوبِهِ بِقَدْرِ مَا دَعَا ـ كما عند الترمذي، وهذه بينت أن الاستجابة تكون بواحدة من الثلاث المذكورة في الحديث المرفوع، فكلها تعتبر استجابة.
والله أعلم.