الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففتنة الرجال بالنساء عظيمة، وكذلك فتنة النساء بالرجال، فقد جعل الله سبحانه في فطرة كل منهما الميل إلى الآخر، وجاء الشرع بتهذيب ذلك، وجعل سبيل كل منهما للآخر الزواج الصحيح، وفي المقابل حذر من كل ما يمكن أن يؤدي إلى الفتنة بينهما، ففي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء.
والمحادثة بين رجل وامرأة أجنبية عنه، سواء عن طريق المشافهة أو الكتابة أو غيرها، فكل ذلك من الذرائع إلى الفتنة، فلا تجوز مثل هذه المحادثة إلا للحاجة، مع التزام الضوابط الشرعية، فتكون بقدر الحاجة، مع اجتناب كل ما يمكن أن يدعو للفساد، وانظري الفتويين رقم: 30792، ورقم: 1932.
وما يسمى: بالحب العذري ـ وهو الذي يكون بين رجل وامرأة أجنبية عنه، وقد يصفه بعض الناس بالحب البريء أو العفيف، فإنه من الحب المحرم، فلا تجوز العلاقة العاطفية بين رجل وامرأة أجنبية عنه إلا في إطار الزواج، وراجعي الفتوى رقم: 30003.
ولمعرفة أنواع الحب، وحكم كل نوع منه راجعي الفتوى رقم: 5707.
وإذا أمكن للمتحابين الزواج كان أمرا حسنا، فقد روى ابن ماجه عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم ير للمتحابين مثل النكاح.
وقد أحسنت بتوبتك من المحادثة مع الشاب المذكور، فجزاك الله خيرا، وما قد ينتابك من خواطر حوله لا مؤاخذة عليك فيها، فقد قال الله عز وجل: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الأحزاب:5}.
ولكن عليك الحذر من الاسترسال مع هذه الخواطر، فقد تؤدي إلى شيء من العواقب السيئة.
والله أعلم.