الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا بأس من التشريك في النية في أعمال البر بين مساعدة المطلقة لوجه الله، وبين الرغبة في النكاح منها، أو من ابنتها، لأنه من الجمع في النية بين القربة والمباح الحاصل بنفسه، كالجمع في الوضوء بين نية الطهارة والتبرد، فكما أن التبرد مباح يحصل بمجرد الوضوء، فكذلك الترغيب في قبول النكاح يحصل بمجرد الإحسان إلى المرغوب فيها، أو ذويها، قال السيوطي -وهو يضرب أمثلة للتشريك في النية بين ما هو عبادة وما ليس بعبادة-: مِنْهَا: مَا لَوْ نَوَى الْوُضُوء أَوْ الْغُسْل وَالتَّبَرُّد، فَفِي وَجْه لَا يَصِحّ لِلتَّشْرِيكِ؛ وَالْأَصَحّ الصِّحَّة؛ لِأَنَّ التَّبَرُّد حَاصِل: قَصَدَهُ أَمْ لَا، فَلَمْ يَجْعَل قَصْده تَشْرِيكًا وَتَرْكًا لِلْإِخْلَاصِ، بَلْ هُوَ قَصْد لِلْعِبَادَةِ عَلَى حَسَب وُقُوعهَا؛ لِأَنَّ مِنْ ضَرُورَتهَا حُصُول التَّبَرُّد. اهـ من الأشباه والنظائر.
إلا أن الجمع بين هذين القصدين قد يؤدي إلى مفسدة، لأن دخول نية النكاح على أعمال البر قد يتسبب في مخالفات شرعية؛ فمن ذلك: ما يقع من بعض القائمين على الأعمال الخيرية حيث يمنعون العطاء عن المستحق، ويعطون غير المستحق توصلا لأغراضهم الشخصية، ومن ذلك: أن يؤدي تقديم المساعدة للمطلقة إلى الاختلاط المحرم بها، أو بابنتها بدعوى الرغبة في النكاح، كالخلوة المحرمة بالأجنبية، أو النظر إليها، أو لمسها، أو الكلام معها لغير حاجة، أو التلذذ بسماع صوتها، لأن درء المفسدة الحاصلة بالاختلاط مقدم على جلب المصلحة الحاصلة بالإحسان.
والله أعلم.