الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن كنت لا تعلمين حين أعطيتِها الهاتف أنها ستستعمله في محرم ولم يغلب على ظنك هذا، فإنه لا إثم عليك وهي الآثمة؛ لكونها من فعلته، ولا تأثمين لمجرد إعطائها الهاتف؛ إذ الهاتف يمكن استعماله في الخير كما يمكن استعماله في الشر، والإثم على من استعمله في الشر لا على من أعطاه إياه من غير علم بأنه سيستعمله في المعصية، وإن كنت تعلمين أو غلب على ظنك أنها ستستعمله في محرم، فإنه يُخشى عليك الإثم؛ لأنك متسببة في المعصية، فقد نص الفقهاء على حرمة الإهداء لمن يستعين بالهدية في معصية كما جاء في تحفة المحتاج: وَيَحْرُمُ الْإِهْدَاءُ لِمَنْ يُظَنُّ فِيهِ صَرْفُهَا فِي مَعْصِيَةٍ. اهــ
وإذا كنت قد أعطيتها الهاتف على أنه عارية، وليس هدية، فينبغي أن تحذريها من استخدامه في معصية، فإن لم يجد فيها التحذير فخذيه منها؛ لأن العارية تحرم إذا أعانت على معصية أيضا، جاء في الفواكه الدواني من كتب المالكية في بيان حكم العارية: وَالْحُرْمَةُ إذَا كَانَتْ تُعِينُ عَلَى مَعْصِيَةٍ. اهــ، وقال الشبراملّسي في حاشيته على كتاب العاريّة من شرح المنهاج: قال الزيادي: إنه إذا غلب على الظن عصيانه بما ذُكر حرمت إعارته له, ولم تصح، وإلا صحت ولا حرمة. اهـ ، وقد قال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}.
والله تعالى أعلم.