الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما المعازف: فتحريمها يذكر فيه الإجماع بين أهل العلم، وأما الشطرنج: فمختلف في تحريمه، فمن العلماء من حرمه ـ وهم الجمهور ـ ومنهم من رأى كراهته وهو قول الشافعية، وعلى كل حال، فالمحرم لما ذكر ليس معتمدا على أنها تلهي وتبعد عن ذكر الله فحسب، وإنما مستند التحريم أدلة معروفة في كتب الفقه، فتحريم المعازف استدل له بحديث البخاري: ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف.
وتحريم الشطرنج مستنده آثار عن الصحابة والقياس على النرد المنصوص عليه، ومناقشة هذه المسائل والتفصيل في بيان أدلتها له موضع آخر، ولتحريم المعازف خاصة والشطرنج عند من قال بتحريمه حكم كثيرة سوى هذا، من أهمها ما لها من الأثر في إفساد القلب وإبعاده عن الله تعالى، ولبيان بعض الحكمة في تحريم المعازف انظر الفتوى رقم: 198505.
وأما المال والبنون: فهما زينة الحياة الدنيا ـ كما قال الله تعالى ـ ولكن الله جعلهما كذلك فتنة، كما قال جل اسمه: إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ {التغابن:15}.
يقول ابن كثير رحمه الله: يَقُولُ تَعَالَى: إِنَّمَا الْأَمْوَالُ وَالْأَوْلَادُ فِتْنَةٌ ـ أَيِ اختبار وابتلاء من الله تعالى لِخَلْقِهِ لِيَعْلَمَ مَنْ يُطِيعُهُ مِمَّنْ يَعْصِيه. انتهى.
فمن خرج بسبب ماله أو ولده من واجب أو دخل في حرام، فهو آثم بذلك، وعليه أن يقابل هذه الفتنة بالصبر والثبات والحفاظ على تعاليم الدين، وألا ينحرف عن الصراط المستقيم بسبب ماله وولده، فمن فعل هذا ولم يخرجه ماله وولده عن طاعة الله تعالى فهو مأجور غير مأزور.
ثم اعلم أن الله تعالى لا تضرب له ولا لشرعه الأمثال، بل الواجب على المسلم أن يتلقى أوامر الله بالامتثال ونواهيه بالاجتناب ويقول كلما جاءه الأمر عن الله تعالى: سمعنا وأطعنا، فبهذا تنال النجاة وتحصل السعادة في الدنيا والآخرة، قال تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا {الأحزاب:36}.
والله أعلم.