الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أصحاب المذاهب الفقهية الأربعة المعروفة: الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة ليسوا ممن فرّقوا دينهم، وليسوا هم السبب في تفرق أمة محمد صلى الله عليه وسلم -وحاشاهم من ذلك- بل هم ملتزمون بالكتاب والسنة عملًا واستدلالًا ومنهجًا، ومتِّبعون في ذلك لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الكرام، وأئمة التابعين لهم بإحسان، وهم مع ذلك متفقون في أصول الدين، وقواعده الكلية، وإنما وقع الاختلاف بينهم في بعض الفروع التي يسوغ الخلاف فيها، وليس سبب ذلك الخلاف اتباع الهوى، وابتغاء الفرقة في الدِّين ـ معاذ الله ـ وإنما لذلك الخلاف أسباب أخرى منطقية، منها أن هذا العالم لم يطلِع على النص الذي استدل به غيره، أو أنه رأى غيره أرجح منه، أو أنه فهم منه ما لم يفهم الآخر، أو أنه رأى نسْخه، أو تخصيصه، أو تقييده، أو غير ذلك مما هو معروف في علم الأصول، ولمزيد من الفائدة راجع الفتاوى التالية أرقامها: 63306 - 54719 - 122364 - 190665.
وأصحاب هذه المذاهب الأربعة، وأتباعهم، ومن على منهجهم هم أهل السنة، وهم جماعة المسلمين التي يلزم الانتساب إليها، ولا يجوز سلوك سبيل غير سبيلها.
وأما الفرق الأخرى التي تنتسب للإسلام، ولا تتبع هذا المنهج، وتخالف في أصول الدين وقواعده الكلية، فهي من فرقت الدِّين، وكانت سببًا في افتراق أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وراجع للفائدة الفتاوي التالية أرقامها: 195647 - 112581 - 130372.
والله أعلم.