الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمسألة التي سألت عنها قد اختلف فيها أهل العلم على قولين؛ ولكل قول أدلته, وقد رجح ابن قدامة في المغني قول الحنابلة, ومن وافقهم، وهو: الاعتماد على الركبتين عند القيام من جلسة الاستراحة, أوغيرها, حيث قال في المغني: نهض إلى القيام على صدور قدميه معتمدا على ركبتيه، ولا يعتمد على يديه. قال القاضي: لا يختلف قوله، أنه لا يعتمد على الأرض، سواء قلنا: يجلس للاستراحة أو لا يجلس. وقال مالك، والشافعي: السنة أن يعتمد على يديه في النهوض؛ لأن مالك بن الحويرث قال في صفة صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: « إنه لما رفع رأسه من السجدة الثانية استوى قاعدا، ثم اعتمد على الأرض». رواه النسائي. ولأن ذلك أعون للمصلي. ولنا ما روى وائل بن حجر، قال: «رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه». رواه النسائي، والأثرم، وفي لفظ: «وإذا نهض نهض على ركبتيه، واعتمد على فخذيه». وعن ابن عمر، قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يعتمد الرجل على يديه إذا نهض في الصلاة». رواهما أبو داود، وقال علي -كرم الله وجهه-: «إن من السنة في الصلاة المكتوبة، إذا نهض الرجل في الركعتين الأوليين، أن لا يعتمد بيديه على الأرض، إلا أن يكون شيخا كبيرا لا يستطيع». رواه الأثرم. وقال أحمد: بذلك جاء الأثر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعن أبي هريرة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان في الصلاة ينهض على صدور قدميه». رواه الترمذي. وقال: يرويه خالد بن إلياس. قال أحمد: ترك الناس حديثه. ولأنه أشق فكان أفضل، كالتجافي والافتراش. وحديث مالك محمول على أنه كان من النبي - صلى الله عليه وسلم - لمشقة القيام عليه لضعفه وكبره، فإنه قال - عليه السلام -: «إني قد بدنت، فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود».
وراجع المزيد في الفتوى رقم: 43393.
والله أعلم.