الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيمكن للأخ السائل الرجوع في جواب سؤاله الأول إلى الفتويين التاليتين أرقامهما: 221464، 225688.
وأما السؤال الثاني فاعلم ـ رحمك الله ـ أن القول في القرآن بالرأي المجرد باب من أبواب المآثم، وإن وافق صاحبه حقا وقال صوابا، فما بالنا إن أخطأ وزلَّ. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 67614.
وهذا بصفة عامة، وأما بخصوص الآية الكريمة التي ذكرها السائل فلم نجد من أهل العلم من نص على نزولها في الكافرين، قال الرازي في تفسيره: الخطاب في قوله: { مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ} إما للرسول أو لكل مخاطب، وكذا القول في قوله: { فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ. ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ}. اهـ.
وتبعه على ذلك البيضاوي في (أنوار التنزيل)، وابن جزي في (التسهيل لعلوم التنزيل)، والنسفي في (مدارك التنزيل)، وابن عادل في (اللباب)، والشوكاني في (فتح القدير)، والصنعاني في (فتح البيان)، وغيرهم.
ولعل السائل لا يريد خصوص النزول، وإنما يريد أن في الآية الكريمة بيان الحجة على الكافرين المنكرين لوجود الله تعالى أو لوحدانيته أو لكمال صفاته وأفعاله، وهذا حق، قال ابن عاشور في (التحرير والتنوير): والخطاب لغير معين، أي: لا ترى أيها الرائي تفاوتا، والمقصود منه التعريض بأهل الشرك إذ أضاعوا النظر والاستدلال بما يدل على وحدانية الله تعالى بما تشاهده أبصارهم من نظام الكواكب، وذلك ممكن لكل من يبصر، قال تعالى: {أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج} فكأنه قال: ما ترون في خلق الرحمن من تفاوت. اهـ.
وقال أيضا: والخطاب في قوله: {ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت} وقوله: {فارجع البصر ..} إلخ. خطاب لغير معين، وصيغة الأمر مستعملة في الإرشاد للمشركين مع دلالته على الوجوب للمسلمين، فإن النظر في أدلة الصفات واجب لمن عرض له داع إلى الاستدلال. اهـ.
والله أعلم.